رؤيا الشمس – تفسير الاحلام لابن نعمة

رؤيا الشمس – تفسير الاحلام لابن نعمة

و

رؤيا القمر

فصل: الشَّمْس، وَالْقَمَر: كل وَاحِد مِنْهُمَا دَال على الْجَلِيل الْقدر. كالملوك، والولاة، والآباء، والأزواج، وَالْأَبْنَاء، والأقارب، وَالْأَمْوَال، والأملاك، وَالْخَيْر، والمعيشة. فَمن رأى أَن الشَّمْس عِنْده، أَو على رَأسه، أَو كَأَنَّهَا بِحكمِهِ، أَو هِيَ فِي دَاره، أَو كَأَنَّهُ يحملهَا وَلم تؤذه بحرها: حصلت لَهُ فَائِدَة مِمَّن ذكرنَا. فَإِن كَانَ أعزب تزوج، وَإِن كَانَ عِنْده حَامِل: رزق ولدا جميلاً، حسن الصُّورَة. هَذَا إِذا رَآهَا كَأَنَّهَا بِالنَّهَارِ، وَدرت معيشته مِمَّا يحْتَاج إِلَى الشَّمْس، كالقصارين والبنائين وأمثالهم، خُصُوصا إِن كَانَ ذَلِك فِي أَيَّام الشتَاء.

قَالَ المُصَنّف: إِنَّمَا دلّ الشَّمْس وَالْقَمَر على الْجَلِيل الْقدر لعُمُوم انْتِفَاع النَّاس بهما ولضرر بَعضهم مِنْهُمَا، وعَلى المعايش والأملاك لِأَن انْتِفَاع النَّاس بهما فِي الزراعات والنبات فِي كل وَقت، وَرُبمَا دلا على الغريمين. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان رَأَيْت كأنني بَين الشَّمْس وَالْقَمَر آخذ من هَذَا وأضعه فِي الآخر، قلت: هَذَا دَال على أُمُور، أَحدهَا: أَن عنْدك كيسين أَحدهمَا ذهب تصرف مِنْهُ دَرَاهِم وَالْآخر دَرَاهِم تصرف مِنْهُ ذَهَبا، فَقَالَ: نعم، الثَّانِي: أَنَّك تسْعَى فِي الصُّلْح بَين جليلي الْقدر تحمل كلَاما من أَحدهمَا إِلَى الآخر، الثَّالِث: أَن رجلا غَنِيا لَهُ على منكسر دين وَأَنت تَأْخُذ من المنكسر الْبَعْض وَتَأْخُذ من الْغَنِيّ الْمُسَامحَة بِالْبَاقِي، وَذَلِكَ لِأَن الْقَمَر منكسر مَا يزَال يَمْتَد من نور الشَّمْس وَهُوَ تَابع لَهَا، وَقلت لَهُ: عنْدك مكحلتان كحل أصفر وَالْآخر أَحْمَر وَأَنت تداوي عَيْنَيْك بذلك، فَقَالَ فِي الْجَمِيع: صَحِيح ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني ربطت الشَّمْس وَالْقَمَر فِي خيط وَاحِد وَأَنا أحملهما، قلت لَهُ: تمسك جليلي الْقدر أشبه بالملوك أَو نوابهم، فَمَا مضى قَلِيل حَتَّى وَقع مصَاف ومسك أميران، وَقَالَ لي إِن أَحدهمَا ابْن مَالك. وَرَأى صَغِير أَنه حملهما فِي خيط وَأَن أَحدهمَا آذاه، قلت لَهُ: من أَيْن أخذتهما؟ قَالَ الصَّغِير: كَانَا فِي حمام، قلت لَهُ: أخذت سرطانين، وربطتهما فِي حَبل، قَالَ: نعم، قلت: عضك أَحدهمَا، قَالَ: نعم، وَذَلِكَ لِأَن الشَّمْس تلدغ بحرها وَالْقَمَر فِيهِ من الزرقة مَا يشابه السرطان -سرطان الماء-. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كَأَن الشَّمْس وَالْقَمَر كل وَاحِد فِي حَبل وَأَنا أبرم حَبل هَذَا مَعَ حَبل هَذَا، قلت: أَنْت تسْعَى فِي إبرام عقد بَين إمرأة حسناء وَبَين رجل كَذَلِك، قَالَ: نعم، قلت: وَالرجل رُبمَا فِي إِحْدَى عَيْنَيْهِ عيب، قَالَ: صَحِيح. وَمثله رأى آخر – وَكَانَ ظَاهره ردياً -، قلت: أَنْت تقود بَين اثْنَيْنِ، فَقَالَ: اسْتغْفر الله تَعَالَى مَا بقيت أَعُود إِلَى ذَلِك. فَافْهَم.

فصل: وَأما إِن أحرقته الشمس أَو آذته: حصل لَهُ نكد مِمَّن ذكرنَا، خُصُوصا فِي الصَّيف. وَأما إِن أحرقت الزراعات، أَو الْبَسَاتِين، أَو آذَى النَّاس حرهَا: دلّ ذَلِك على أمراض أو وباء للناس عامة، أَو ظلم من الأكابر، أَو حوائج، أَو غلاء أسعار فِي الْمَأْكُول، وَنَحْو ذَلِك.

فصل: فَإِن كَانَ فِي السَّمَاء شموس، وَهِي تؤذي النَّاس: فأقوام ظلمَة، وأرباب شَرّ. وَأما إِن نفع ضوأهم: فأرباب عدل، وَربح وراحات، وَرُبمَا يكون فِي الزراعات وَالثِّمَار وكل مَا يحْتَاج إِلَى الشَّمْس وَكَثْرَة الْفَائِدَة وَالْخَيْر. وَكَذَلِكَ الْقَمَر إِلَّا أَن دولته بِاللَّيْلِ، وَهُوَ أنزل مِنْهَا مرتبَة.

قَالَ المُصَنّف: إِذا رُؤِيَ الشَّمْس وَالْقَمَر مُجْتَمعين فِي مَكَان وَكَانَ صَاحبه خَائفًا أَو مَرِيضا: خشِي عَلَيْهِ لقَوْله تَعَالَى {وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر يَقُول الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ أَيْن المفر} وَيدل أَيْضا على خصام الزَّوْجَيْنِ أو الأخوين أو الولدين أو عَلى مرض الْعَينَيْنِ وَنَحْو ذَلِك. وَاعْتبر الْقَمَر بأحوال الرَّائِي. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت كأنني آكل الْقَمَر، قلت لَهُ: أبْعث طبقًا أَو مرْآة وأكلت ثمن ذَلِك، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تنال ميراثا. وَقَالَ آخر: رَأَيْت وَجه إِنْسَان صَار قمراً، فَقلت: نخشى عَلَيْهِ برص أَو طُلُوع فِي وَجهه، فَقَالَ: جرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني وَقعت فِي الْقَمَر وَأَنا فِي شدَّة، قلت لَهُ: اترك الْقمَار. وَمثله قَالَ آخر، قلت لَهُ: تغرق. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني أسبح فِي قمر وَأَنا ألتذ بذلك، قلت لَهُ: تغرق. وَرَأى إِنْسَان أَن الْقَمَر قد صَار لَهُ حرارة كحر الشَّمْس، قلت: يتَوَلَّى بعض نواب الكبراء منصب من استنابة، فَإِن نفع النَّاس ذَلِك الْحر نَالَتْ رَعيته بِهِ خيرا وَإِلَّا فَلَا. وَرَأى آخر أَن ضوء الشَّمْس صَار بَارِدًا وَزَالَ ذَلِك الْحر، قلت: إِن كَانَ ذَلِك فِي زمن الصَّيف عدل الْمُتَوَلِي ونالت الرّعية مِنْهُ رَاحَة ثمَّ عَن قَلِيل يَمُوت، فَمَاتَ قاضيهم بعد أَن حسنت سيرته، وقلتك يَقع مطر لَا نفع فِيهِ، فَوَقع الْمَطَر وَكَانَ فِي الصَّيف خلاف الْعَادة.

فصل: قتال الشَّمْس مَعَ الْقَمَر: دَلِيل على حَرْب يَقع، وملوك تتقع. فَإِن كَانَ كَأَنَّهُ فِي نوم النَّهَار: فالغلب للشمس، يظْهر أهل الْحق. وَإِن كَانَ كَأَنَّهُ فِي ليل: فالغلب للقمر، وَيظْهر أهل الظُّلم، لِأَنَّهُ مُتَوَلِّي الظلمَة، والظلمة يشتق مِنْهَا الظُّلم.

رؤيا الهلال

فصل: طُلُوع الْهلَال: دَال على بارة أَو غَائِب يقدم من تِلْكَ الْجِهَة. وَهُوَ لمن عَلَيْهِ دين: مطالبات، وهموم، ونكد. وَرُبمَا دلّ على النكد، وَيدل على خلاص المسجون وَالْمَرِيض. وَأما كَثْرَة الْأَهِلّة والأقمار: فدليل على الْخَوَارِج. فَإِن كَانَ ضوؤهم ينفع النَّاس: فَذَلِك خير، وراحة. وَإِلَّا فَلَا. قَالَ المُصَنّف: وَرُبمَا دلّ كَثْرَة الْأَهِلّة فِي الْمَكَان على الْفَوَائِد، كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت السُّلْطَان يفرق الْأَهِلّة على النَّاس، قلت: تقع حَرَكَة وَيفرق القسي على أَصْحَابه، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني أشْرب من الْأَهِلّة عسلاً وَقد طَار مِنْهُم هِلَال وَقع على رَأْسِي، قلت: أَنْت بيطار يحصل لَك فَائِدَة من صنعتك وتضربك دَابَّة بحافرها فِي رَأسك، فَجرى ذَلِك، وَذَلِكَ لِأَن النِّعَال والحوافر يشبهوا الْأَهِلّة. فَافْهَم ذَلِك.

العودة إلى تفسير الأحلام لابن نعمة بالحروف

اترك تعليقاً