رؤيا النجوم – تفسير الاحلام لابن نعمة

رؤيا النجوم – تفسير الاحلام لابن نعمة

فصل: وَأما النُّجُوم فَكل وَاحِد مِنْهُم دَال على مَا دلّ الشَّمْس وَالْقَمَر عَلَيْهِ ويدلوا على الْعلمَاء لكَوْنهم يتهدى بهم فِي الْبر وَالْبَحْر، وَرُبمَا دلوا على قطاع الطَّرِيق والخوارج، لكَوْنهم لَا يظهرون إِلَّا بِاللَّيْلِ. فَمن رأى أَن النُّجُوم جَاءَت إِلَيْهِ، أَو إِلَى دَاره، أَو اجْتمعت عِنْده، أَو كَأَنَّهُ يرعاها، أَو يتحكم فِيهَا، وَلم تؤذه؛ فَإِن كَانَ يصلح للْملك: ملك، وَإِلَّا تولى ولَايَة تلِيق بِهِ، وَرُبمَا تزوج وَجَاء الكبراء إِلَى عِنْده، أَو يرْزق ذُرِّيَّة، أَو أقَارِب، أَو أَصْحَاب، أَو أَمْوَال، أَو عبَادَة، أَو تلاميذ. وَيكون ذَلِك على قدر كثرتها وقلتها. أَو دَرَاهِم، أَو دَنَانِير. وَنَحْو ذَلِك. قَالَ المُصَنّف: وَافقه فِي النُّجُوم. قَالَ رجل: رَأَيْت كأنني صرت صائغاً وَأَنا آخذ النُّجُوم وأعبر بِهن فِي بَيت النَّار، قلت: أَنْت رجل خباز وَأَنت تقطع من الأرغفة وتخبأه فتب إِلَى الله، فَقَالَ: مَا بقيت أَعُود. فَافْهَم ذَلِك. وَلما رأى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم لَهُ ساجدين فسره لَهُ وَالِده عَلَيْهِ السَّلَام بِمَا فسره. وقسنا عَليّ الْأَقَارِب والمعارف وَالْأَمْوَال والفوائد والعلوم والتقرب من الأكابر وعلو الْمنَازل، لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَمام تَفْسِيره: {وَكَذَلِكَ يجتبيك رَبك ويعلمك من تَأْوِيل الْأَحَادِيث وَيتم نعْمَته عَلَيْك وعلى آل يَعْقُوب} إِلَى آخر الْآيَة. وَمن ذَلِك؛ رأى إِنْسَان كَأَنَّهُ سقط من الثريا نجم، فَقلت لَهُ: أَنْتُم سبع أخوة ذُكُور. وَمثله رأى آخر، قلت: أَنْت خَادِم لَا أخوة وَلَا أَوْلَاد لَك، لَكِن عنْدك سَبْعمِائة دِرْهَم أَو سبع آلَاف يروح سبع ذَلِك، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر أخذت من الثريا نجماً وخبأته، قلت لَهُ: سرقت لؤلؤة فَكَانَ ذَلِك. وَرَأى آخر أَنه حمل الثريا على عود فَسقط مِنْهَا نجم أتلف شعره، فَقلت: حملت شمعة لَهَا شعب أحرق عمامتك بعض تِلْكَ الشّعب، قَالَ: نعم. وَقَالَ آخر رأى أَنه يسْجد لبنات نعش، قلت: أَنْت تحب امْرَأَة غسالة للموتى أَو بنت غاسلة، قَالَ: نعم، قلت وَهِي تعبر دور الأكابر، قَالَ: صَحِيح، وَذَلِكَ لِأَن بَنَات نعش قريبات من قطب الْفلك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني ملكت القطب وَبَنَات نعش، قلت: يصير لَك طاحون أَو معصرة بِحجر، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني أدور مَعَ بَنَات نعش وَقد عضني نجم مِنْهُنَّ، قلت: أَنْت فِي مَكَان فِيهِ جمَاعَة يرقصون فَحصل لَك نكد من أحدهم، فَقَالَ: نعم. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت من بَنَات نعش، قلت لَهُ: قد قرب أَجلك، فَمَاتَ بعد أَرْبَعَة أَيَّام. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني آكل بَنَات نعش، قلت: تَرث جَمِيع أولادك وأقاربك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت حمال نعش الْمَوْتَى ورزقك مِنْهُ، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تبيع النعش وتأكل ثمنه. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تبيع دَوَاب طاحونك أَو معصرتك وتأكل ثمن ذَلِك. وعَلى هَذَا فقس موفقاً إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

رؤيا الكواكب

وقائع ملاح فِي النُّجُوم: رأى إِنْسَان كَأَنَّهُ وضع على عَيْنَيْهِ كوكبين وَهُوَ ينظر، قلت: يطلع على عَيْنَيْك بَيَاض، فَوَقع ذَلِك، وَدَلِيله أَن الْبيَاض فِي الْعين يُسمى كوكباً فِي اللُّغَة. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ يَأْخُذ الْكَوَاكِب فِي يَده يَرْمِي بهم فِي الْعُلُوّ ثمَّ يتلقاهم بِيَدِهِ. وَتارَة بفهمه وَتارَة يَأْكُل بَعضهم، قلت: أَنْت تلعب بقناني الزّجاج الَّتِي هِيَ شبه الأكر، قَالَ: نعم، قلت لَهُ: فَرَأَيْت كَأَنَّك تلعب فِي ليل لَو نهر، قَالَ: كَأَنَّهُ فِي ليل، قلت: تحصل لَك فَائِدَة وَربح من ذَلِك، لِأَن الْكَوَاكِب فعلهَا وضوؤها بِاللَّيْلِ بِخِلَاف النَّهَار. وَرَأى بعض الأكابر كَأَن على ذِرَاعَيْهِ كوكبين تَحت الثِّيَاب وَقد أكلتهما الحرباة، فَقلت لَهُ: على يَديك جَوْهَر مربوط، قَالَ: نعم، قلت: يُؤْخَذ مِنْك فِي حَرْب، فَجرى ذَلِك. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ جَالس فِي وسط الهقعة، قلت لَهُ: تجْلِس تبيع بميزان، وَكَانَ صَنعته تَاجِرًا فَمَا مضى قَلِيل حَتَّى صَار عطاراً، لِأَن الْعَامَّة يسمونها مَوَازِين. وَرَأى آخر كَأَن بَين يَدَيْهِ طبق نُجُوم وَهُوَ يَأْكُل مِنْهُنَّ فَظهر لَهُ من نجم حَيَّة فضربته، قلت: يعْمل لَك سم فِي بيض مقلي، فَعمل لَهُ ذَلِك، وَدَلِيله أَن الْبيض المقلي يُسمى نجوماً. وَرَأى آخر أَنه قَائِم بَين النُّجُوم فَاحْتَرَقَ ثَوْبه، قلت لَهُ: ضَاعَ لَك ثوب وَأَنت تتفرج فِي نَبَات وزهر، قَالَ: نعم، وَدَلِيله أَن النَّبَات يُسمى نجماً، والزهر يشبه النُّجُوم أَيْضا. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ جَالس على رَأس الْمنَازل فِي السَّمَاء، قلت: تتولى على طَرِيق، فَإِن كنت كَأَنَّك فِي ليل أفدت وَإِلَّا فَلَا. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ يَدُور فِي الْقلب على جوهره، قلت: لَك مَحْبُوب وَقد رَاح عَنْك وَأَنت كل وَقت تذكره فِي قَلْبك، قَالَ: صَحِيح.

فصل: فَأَما إِن آذت الرَّائِي أَو أحرقته أَو ضيقت عَلَيْهِ: حصل لَهُ نكد مِمَّن ذكرنَا من الأكابر، وَإِن كَانَ مُسَافِرًا أَو يطْلب سفرا: قطعت عَلَيْهِ الطَّرِيق أَو يتْرك بمكانه أَمر رديء من آفَة وَغَيرهَا. فَأَما إِن صَار جِسْمه نجوماً: كثرت عَلَيْهِ دُيُونه ومطالبات أَو يتَكَلَّم النَّاس فِي عرضه أَو يطلع فِي جِسْمه دماميل أَو جدري أَو طلوعات أَو مرض رديء.

فصل: فَإِن رأى كَأَنَّهُ صَار من النُّجُوم: عَاشر من دلوا عَلَيْهِ. إِمَّا يعاشر الْمُلُوك أَو الْوُلَاة أَو الْعلمَاء أَو الأكابر أَو غلْمَان أُولَئِكَ أَو يعاشر قطاع الطَّرِيق أَو أَرْبَاب الحرس وَنَحْو ذَلِك على قدر مَا يَلِيق بِهِ. وَأما سُقُوطهَا أَو ضرابها بَعْضهَا فِي بعض أَو طُلُوعهَا وَالشَّمْس طالعة: دَال على الحروب والفتن. قَالَ الشَّاعِر: – تبدوا كواكبه وَالشَّمْس طالعة لَا النُّور نور وَلَا الظلام ظلام.

فصل: وَأما من رأى كَأَنَّهُ يَأْكُل النُّجُوم وطعمها فِي فهمه طيب: حصلت لَهُ فَوَائِد مِمَّن ذكرنَا وَرُبمَا صَار منجماً أَو حارساً. والكبار من النُّجُوم: أشرف النَّاس، وَالصغَار: عوامهم، والمذكر: ذُكُور، والمؤنث: إناث كالزهرة والشعرى وَبَنَات نعش والثريا والهقعة والهنعة ونحوهن.

رؤيا عطارد

فصل: وَرُبمَا دلّ عُطَارِد على الرجل المعطاء وَرُبمَا كَانَ يعرف الْكِتَابَة.

رؤيا المريخ

والمريخ على الْأُمَرَاء والكبراء وسفاكين الدِّمَاء>

رؤيا كوكب المشتري

وَالْمُشْتَرِي على الْأَمْلَاك وَالْبيع والشرى والمخازن.

رؤيا كوكب زحل

وزحل على الْفقر والخسارات والشدائد. وعَلى هَذَا فقس النُّجُوم الَّتِي فِي البروج وَغَيرهَا.

فصل: وَأما من رأى أَنه يسْجد للشمس أَو للقمر أَو لنجم: خدم من دلّ عَلَيْهِ، أَو احْتَاجَ إِلَيْهِ، وَفَسَد مَعَه دينه إِن كَانَ يعْتَقد تَحْرِيم السُّجُود لذَلِك. وَأما إِن رأى كَأَنَّهُ بلع نجماً: اعتقل إنْسَانا، وَرُبمَا أحب من دلّ النَّجْم عَلَيْهِ. فَإِن أحرق شَيْئا فِي فُؤَاده: تنكد مِمَّن ذكرنَا وَإِلَّا فَلَا، فَإِن أخرجه من فُؤَاده أخرج المعتقل، أَو ترك محبَّة من وَقع بفؤاده، أَو زَالَ النكد الَّذِي بفؤاده، وَالله أعلم.

العودة إلى تفسير الأحلام لابن نعمة بالحروف

اترك تعليقاً