رؤيا السماء – تفسير الاحلام لابن نعمة

باب: الْبَاب الثَّانِي

فِي السَّمَاء وَمَا فِيهَا، وَمَا ينزل مِنْهَا وَمَا يطلع إِلَيْهَا

رؤيا السماء – تفسير الاحلام لابن نعمة

من طلع إِلَى السَّمَوَات فذَلِكَ للأصحاء: دَال على الرّفْعَة وَدخُول دور الأكابر، وَيدل على الزَّوْجَة والدور، وَالسّفر فِي الْبر وَالْبَحْر، وعَلى كل مَكَان غَرِيب. فَإِن أصَاب فِيهِنَّ النُّور، أَو الْمَلَائِكَة الملاح، أَو وجد رَائِحَة طيبَة، أَو مَأْكُولا مليحاً، وَنَحْو ذَلِك: حصل لَهُ فَائِدَة وراحة، إِمَّا من دور الأكابر، أَو من الْأَمْلَاك، أَو من الْأَسْفَار، أَو من زَوْجَة، أَو من ولَايَة يتولاها، أَو من عَالم أَو من حَاكم يحكم عَلَيْهِ. كَالْأَبِ، وَالْوَصِيّ، وَالسَّيِّد، وَالزَّوْج، وأمثالهم. وَأما إِن كَانَ فِيهِنَّ الظلام، أَو حيات، أَو عقارب، أَو جن، أَو دُخان، أَو نَار، أَو رَائِحَة ردية: حصل لَهُ نكد مِمَّن ذكرنَا. قَالَ المُصَنّف: ربما دلّت السَّمَاء على الْمَرَض أو البلاء وَالنُّزُول ضد ذَلِك. وَدلّ على معاشرة الأكابر والرفعة لعلو الطالع، ولكونها مقرّ الْحَاكِمين على أهل الأَرْض المتصرفين – لَهُم وَفِيهِمْ – بالمسرة والمضرة. ودلت على الْأَسْفَار لِأَن الطائرات فِي السَّمَاء يرجعن فِي غَالب الْأَحْوَال ينزلن إِلَى الأَرْض. ودلت على الْبحار والمياه لِأَنَّهَا مَعْدن الغيوم والأمطار. وَرُبمَا دلّت على معاشرة أَرْبَاب النيرَان، وتدل على الْأَمَاكِن الغريبة. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني طلعت إِلَى السَّمَاء وَبقيت أتفرج فِي كواكبها وَمَا فِيهَا، قلت لَهُ: عبرت إِلَى دَار فِيهَا تصاوير، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تعرف النجامة، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عبرت إِلَى مَكَان فِيهِ قناديل وسرج تتفرج، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عبرت تطلب مطلباً فَلم تَجِد شَيْئا، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عبرت مَكَانا تجْرِي مِنْهُ الْمِيَاه، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عبرت بستاناً مزهراً، قَالَ نعم. فَافْهَم ذَلِك.

رؤيا الطيران

فصل: من طَار أَو سَار فِي السحب أَو فِي الرِّيَاح فَإِن كَانَ بجناح أَو هُوَ جَالس على شَيْء يمسِكهُ فَهُوَ سفر فِيهِ رَاحَة وعاقبته سليمَة، وَهُوَ بِلَا جنَاح وَلَا شَيْء يمسِكهُ: قَلِيل نكد أَو تَعب.

قَالَ المُصَنّف: إِنَّمَا كَانَ الطيران ردياً إِذا لم يكن على شَيْء يمسِكهُ، لِأَن الرّيح والسحاب ليسَا بجسم فالراكب على خطر. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني رَاكب على سَحَابَة وَقد تزلزلت فَوَقَعت فِي وَسطهَا، قلت: اسْمك سُلَيْمَان، قَالَ نعم، قلت عزمت على سفر فِي بَحر ويخشى عَلَيْك الْغَرق وتنجوا وَتَقَع من أَعلَى الْمركب إِلَى آخرهَا، فَجرى ذَلِك.

فصل: إِن نزل من السَّمَاء سمن أَو عسل أَو دَقِيق أَو خبز أَو شَيْء مِمَّا فِيهِ نفع: فرزق وَرخّص وفوائد وتجارات قادمة فِيهَا نفع، وَيدل على عدل الأكابر. كَمَا أَنَّهَا إِذا نزل مِنْهَا بق أَو براغيث أَو حيات أَو عقارب أَو حِجَارَة مؤذية أَو نَار أَو دم وَنَحْو ذَلِك كَانَ دَلِيلا على الْفِتَن والأمراض من جدري أَو برسام أَو طاعون أَو وباء أَو ظلم مِمَّن دلّت السَّمَاء عليه أَو عَدو يقدم إِلَى ذَلِك الْمَكَان، فَإِن أتلف شَيْئا أَو أَذَى أحدا: خيف على ذَلِك الْموضع، وَرُبمَا كَانَت جوائح تضر بالغلال، وَنَحْو ذَلِك.

قَالَ المُصَنّف: قولي فِيمَا تقدم إِن نزل من السَّمَاء سمن أَو عسل أَو دَقِيق أَو خبز أَو شَيْء مِمَّا فِيهِ نفع احْتِرَاز مِمَّا لَو أتلف الزراعات أَو الأدر أَو الملابس أَو شَيْئا نَافِعًا صَار رديئاً. وَإِذا انْتفع النَّاس بِهَذِهِ المؤذية دلّ على الْفَائِدَة من حَيْثُ لَا يحْتَسب، وَأمن من حَيْثُ يخَاف، وَيدل على الْحَاجة أَيْضا، وأوقات الضَّرُورَة.

فصل: فَإِن طلع إِلَى السَّمَاء عصافير أَو نحل أَو ذُبَاب فأمر يَقع فِي ذَلِك الْمَكَان الَّذِي طلع مِنْهُ على قدر كثرته وقلته. وَكَذَلِكَ كل مَا كَانَ من الْحَيَوَانَات النافعة. قَالَ المُصَنّف: دلّ الطالع إِلَى السَّمَاء على مَا ذكرنَا لِأَنَّهَا أَرْوَاح صعدت إِلَى مَحل صعُود الْأَرْوَاح فَدلَّ على الرحيل لنقلهم من الأَرْض إِلَى مَكَان آخر. وَقَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت كَأَن جَمِيع الذُّبَاب الَّذِي فِي بَيْتِي قد طَار جملَة وَاحِدَة، قلت لَهُ: عنْدك طيور مسجونة ودجاج، قَالَ: نعم، قلت: يهرب الْجَمِيع أَو يموتوا أَو يسرقوا، فَذكر أَن ولدا لَهُ صَغِيرا فتح أماكنهم فطار الْجَمِيع. فَافْهَم ذَلِك.

فصل: وَأما إِن كَانَ ارْتَفع أَقسَام الشَّرّ كالحيات أَو العقارب أَو الْأسود أَو الأوزاغ وَنَحْو ذَلِك دلّ على هَلَاك المفسدين، وراحة أهل ذَلِك الْمَكَان لذهاب الْأَذَى عَنْهُم.

رؤيا الشهب

قَالَ المُصَنّف: إِذا رؤيت الشهب فِي النَّهَار دلّ على الحروب أَيْضا كَالنُّجُومِ. وَإِنَّمَا دلّت على أَن الْملك أَو الْكَبِير بِالْمَكَانِ يظفر بجواسيس لِأَن الله تَعَالَى جعلهَا رجوماً للَّذين يسْتَرقونَ السّمع فهم كالجواسيس الَّذين يسْتَرقونَ الْأَخْبَار. أو تدل على حسن الْعَاقِبَة فِي الْحَوَادِث لِأَن سُقُوط الشهب غير مؤذي بِخِلَاف الصَّوَاعِق. وَقَالَ إِنْسَان رَأَيْت أنني خرج من فمي شهَاب فعلا على مئذنة، قلت: يطلع لَك مُؤذن بَين أَقوام مبتدعين. فَافْهَم ذَلِك.

رؤيا تفطر السماء

فصل: وَأما تفطر السَّمَاء أَو دورانها فدليل على كَثْرَة الْبدع أو الْخَوْف، وتغيير من دلّت السَّمَاء عَلَيْهِ. وسقوطها دَلِيل على سفر الأكابر وَالْأَوْلَاد والأقارب، وتغيير المعايش، وَيدل على كَثْرَة الأمطار كَمَا قَالَ الشَّاعِر: (إِذا نزل السَّمَاء بِأَرْض قوم … رعيناه وَإِن كَانُوا غضاباً) فَأَما إِن سَقَطت وأهلكت الأدر أَو الزراعات أَو أتلفت شَيْئا أَو ضيقت على النَّاس كَانَ ذَلِك هما وغماً أو وباءً وجوائح أو عدواً أو مرضا فِي ذَلِك الْمَكَان الَّذِي سَقَطت فِيهِ. قَالَ المُصَنّف: وتدل رُؤْيَة السَّمَاء على مَتَاع الرَّائِي، وَمَا فِي بَيته، كَمَا رأى إِنْسَان أَن السَّمَاء انشقت، قلت: ينشق سقف بَيْتك، فَجرى ذَلِك. وَرَأى آخر أَن السَّمَاء سَقَطت من يَده وَذَهَبت، قلت: يَقع من يدك إِنَاء زجاج وينكسر وَيكون لجليل الْقدر. وَرَأى آخر أَن السَّمَاء سَقَطت من دَار جِيرَانه فِي دَاره فملأتها، قلت: وَقع من دَار جِيرَانكُمْ طبق نُحَاس أَو طاسة مَلأ صَوتهَا داركم، قَالَ: نعم.

العودة إلى تفسير الأحلام لابن نعمة بالحروف

اترك تعليقاً