معنى كلمة بين – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي

معنى كلمة بين – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي


بين: الْبَيْنُ فِي ڪَلَامِ الْعَرَبِ جَاءَ عَلَى وَجْهَيْنِ: يَكُونُ الْبَيْنُ الْفُرْقَةَ، وَيَكُونُ الْوَصْلَ، بَانَ يَبِينُ بَيْنًا وَبَيْنُونَةً، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، وَشَاهِدُ الْبَيْنِ الْوَصْلِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَقَدْ فَرَّقَ الْوَاشِينَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا فَقَرَّتْ بِذَاكَ الْوَصْلِ عَيْنِي وَعَيْنُهَا.
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ:
لَعَمْرُكَ لَوْلَا الْبَيْنُ لَا يُقْطَعُ الْهَوَى     وَلَوْلَا الْهَوَى مَا حَنَّ لِلْبَيْنِ آلِفُ.

فَالْبَيْنُ هُنَا الْوَصْلُ، وَأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو فِي رَفْعِ بَيْنَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

كَأَنَّ رِمَاحَنَا أَشْطَانُ بِئْرٍ     بَعِيدٍ بَيْنُ جَالَيْهَا جَرُورِ.

وَأَنْشَدَ أَيْضًا:

وَيُشْرِقُ بَيْنُ اللِّيتِ مِنْهَا إِلَى الصُّقْلِ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيَكُونُ الْبَيْنُ اسْمًا وَظَرْفًا مُتَمِكِّنًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا ڪُنْتُمْ تَزْعُمُونَ; قُرِئَ (بَيْنَكُمْ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَالرَّفْعُ عَلَى الْفِعْلِ أَيْ: تَقَطَّعَ وَصْلُكُمْ، وَالنَّصْبُ عَلَى الْحَذْفِ، يُرِيدُ مَا بَيْنَكُمْ، قَرَأَ نَافِعٌ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ وَالْكِسَائِيِّ (بَيْنَكُمْ) نَصْبًا، وَقَرَأَ ابْنُ ڪَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ (بَيْنُكُمْ) رَفْعًا، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُمْ أَيْ: وَصْلُكُمْ، وَمَنْ قَرَأَ (بَيْنُكُمْ) فَإِنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ رَوَى عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ تَقَطَّعَ الَّذِي ڪَانَ بَيْنَكُمْ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِيمَنْ فَتَحَ الْمَعْنَى: لَقَدْ تَقَطَّعَ مَا ڪُنْتُمْ فِيهِ مِنَ الشَّرِكَةِ بَيْنَكُمْ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ (لَقَدْ تَقَطَّعَ مَا بَيْنَكُمْ) وَاعْتَمَدَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ مِنَ النَّحْوِيِّينَ قِرَاءَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ لِمَنْ قَرَأَ (بَيْنَكُمْ) وَكَانَ أَبُو حَاتِمٍ يُنْكِرُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ وَيَقُولُ: مَنْ قَرَأَ (بَيْنَكُمْ) لَمْ يُجِزْ إِلَّا بِمَوْصُولٍ ڪَقَوْلِكَ: مَا بَيْنَكُمْ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ حَذْفُ الْمَوْصُولِ وَبَقَاءُ الصِّلَةِ، لَا تُجِيزُ الْعَرَبُ: إِنَّ قَامَ زَيْدٌ بِمَعْنَى إِنَّ الَّذِي قَامَ زَيْدٌ، قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ خَطَأٌ; لِأَنَّ اللَّهَ – جَلَّ ثَنَاؤُهُ – خَاطَبَ بِمَا أَنْزَلَ فِي ڪِتَابِهِ قَوْمًا مُشْرِكِينَ فَقَالَ: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى ڪَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ; أَرَادَ لَقَدْ تَقَطَّعَ الشِّرْكُ بَيْنَكُمْ أَيْ: فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَأَضْمَرَ الشِّرْكَ لِمَا جَرَى مِنْ ذِكْرِ الشُّرَكَاءِ، فَافْهَمْهُ، قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: مَنْ قَرَأَ بِالنَّصْبِ احْتَمَلَ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ مُضْمَرًا أَيْ: لَقَدْ تَقَطَّعَ الْأَمْرُ أَوِ الْعَقْدُ أَوِ الْوِدُّ بَيْنَكُمْ، وَالْآخَرُ مَا ڪَانَ يَرَاهُ الْأَخْفَشُ مِنْ أَنْ يَكُونَ (بَيْنَكُمْ) وَإِنْ ڪَانَ مَنْصُوبَ اللَّفْظِ مَرْفُوعَ الْمَوْضِعِ بِفِعْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ أُقِرَّتْ عَلَيْهِ نَصْبَةُ الظَّرْفِ، وَإِنْ ڪَانَ مَرْفُوعَ الْمَوْضِعِ لِاطِّرَادِ اسْتِعْمَالِهِمْ إِيَّاهُ ظَرْفًا، إِلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْجُمْلَةِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ لِلْمُبْتَدَإِ مَكَانَهُ أَسْهَلُ مِنِ اسْتِعْمَالِهَا فَاعِلَةً; لِأَنَّهُ لَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَدَأُ اسْمًا مَحْضًا ڪَلُزُومِ ذَلِكَ فِي الْفَاعِلِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِمْ: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ، أَيْ: سَمَاعُكَ بِهِ خَيْرٌ مِنْ رُؤْيَتِكَ إِيَّاهُ. وَقَدْ بَانَ الْحَيُّ بَيْنًا وَبَيْنُونَةً، وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:

فَهَاجَ جَوًى فِي الْقَلْبِ ضَمَّنَهُ الْهَوَى     بِبَيْنُونَةٍ، يَنْأَى بِهَا مَنْ يُوَادِعُ.

وَالْمُبَايَنَةُ: الْمُفَارَقَةُ. وَتَبَايَنَ الْقَوْمُ: تَهَاجَرُوا. وَغُرَابُ الْبَيْنِ: هُوَ الْأَبْقَعُ، قَاْلَ عَنْتَرَةُ:

ظَعَنَ الَّذِينَ فِرَاقَهُمْ أَتَوَقَّعُ     وَجَرَى بِبَيْنِهِمُ الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ
حَرِقُ الْجَنَاحِ ڪَأَنَّ لَحْيَيْ رِأْسِهِ     جَلَمَانِ، بِالْأَخْبَارِ هَشٌّ مُولَعُ.

وَقَالَ أَبُو الْغَوْثِ: غُرَابُ الْبَيْنِ هُوَ الْأَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ، فَأَمَّا الْأَسْوَدُ فَإِنَّهُ الْحَاتِمُ لِأَنَّهُ يَحْتِمُ بِالْفِرَاقِ. وَتَقُولُ: ضَرَبَهُ فَأَبَانَ رَأْسَهُ مِنْ جَسَدِهِ وَفَصَلَهُ، فَهُوَ مُبِينٌ. وَفِي حَدِيثِ الشُّرْبِ: أَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ أَيِ: افْصِلْهُ عَنْهُ عِنْدَ التَّنَفُّسِ لِئَلَّا يَسْقُطَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الرِّيقِ، وَهُوَ مِنَ الْبَيْنِ الْبُعْدِ وَالْفِرَاقِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَتِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ ” أَيْ: الْمُفْرِطِ طُولًا الَّذِي بَعُدَ عَنْ قَدِّ الرِّجَالِ الطِّوَالِ، وَبَانَ الشَّيْءُ بَيْنًا وَبُيُونًا. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ: طَلَبَ إِلَى أَبَوَيْهِ الْبَائِنَةَ. وَذَلِكَ إِذَا طَلَبَ إِلَيْهِمَا أَنْ يُبِينَاهُ بِمَالٍ فَيَكُونَ لَهُ عَلَى حِدَةٍ، وَلَا تَكُونُ الْبَائِنَةُ إِلَّا مِنَ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلَا تَكُونُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَقَدْ أَبَانَهُ أَبَوَاهُ إِبَانَةً حَتَّى بَانَ هُوَ بِذَلِكَ يَبِيِنُ بُيُونًا. وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: ” سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَطَلَبَتْ عَمْرَةُ إِلَى بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ أَنْ يُنْحِلَنِي نَحْلًا مِنْ مَالِهِ وَأَنْ يَنْطَلِقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَيُشْهِدَهُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ مَعَهُ وَلَدٌ غَيْرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَهَلْ أَبَنْتَ ڪُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمِثْلِ الَّذِي أَبَنْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى هَذَا، هَذَا جَوْرٌ، أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي النُّحْلِ ڪَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَعْدِلُوا بَيْنَكُمْ فِي الْبِرِّ وَاللُّطْفِ ” قَوْلُهُ: هَلْ أَبَنْتَ ڪُلَّ وَاحِدٍ أَيْ: هَلْ أَعْطَيْتَ ڪُلَّ وَاحِدٍ مَالًا تُبِينُهُ بِهِ أَيْ: تُفْرِدُهُ، وَالِاسْمُ الْبَائِنَةُ. وَفِي حَدِيثِ الصِّدِّيقِ: قَاْلَ لِعَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: إِنِّي ڪُنْتُ أَبَنْتُكِ بِنُحْلٍ أَيْ: أَعْطَيْتُكِ. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ: بَانَ وَبَانَهُ، وَأَنْشَدَ:

كَأَنَّ عَيْنَيَّ، وَقَدْ بَانُونِي     غَرْبَانِ فَوْقَ جَدْوَلٍ مَجْنُونِ.

وَتَبَايَنَ الرَّجُلَانِ: بَانَ ڪُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ فِي الشَّرِكَةِ إِذَا انْفَصَلَا. وَبَانَتِ الْمَرْأَةُ عَنِ الرَّجُلِ، وَهِيَ بَائِنٌ: انْفَصَلَتْ عَنْهُ بِطَلَاقٍ. وَتَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ، بِالْهَاءِ لَا غَيْرَ، وَهِيَ فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، أَيْ: تَطْلِيقَةٌ ذَاتُ بَيْنُونَةٍ، وَمِثْلُهُ: (عِيشَةٌ رَاضِيَةٌ) أَيْ: ذَاتُ رِضًا. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَمَانِيَ تَطْلِيقَاتٍ: فَقِيلَ لَهُ إِنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنْكَ، فَقَالَ: صَدَقُوا، بَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا أَيْ: انْفَصَلَتْ عَنْهُ وَوَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ. وَالطَّلَاقُ الْبَائِنُ: هُوَ الَّذِي لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ فِيهِ اسْتِرْجَاعَ الْمَرْأَةِ إِلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ. وَيُقَالُ: بَانَتْ يَدُ النَّاقَةِ عَنْ جَنْبِهَا تَبِينُ بُيُونًا، وَبَانَ الْخَلِيطُ يَبِينُ بَيْنًا وَبَيْنُونَةً، قَاْلَ الطِّرِمَّاحُ:

أَآذَنَ الثَّاوِي بِبَيْنُونَةً.

ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِلْجَارِيَةِ إِذَا تَزَوَّجَتْ قَدْ بَانَتْ، وَهُنَّ قَدْ بِنَّ إِذَا تَزَوَّجْنَ. وَبَيَّنَ فُلَانٌ بِنْتَهُ وَأَبَانَهَا إِذَا زَوَّجَهَا وَصَارَتْ إِلَى زَوْجِهَا، وَبَانَتْ هِيَ إِذَا تَزَوَّجَتْ، وَكَأَنَّهُ مِنَ الْبِئْرِ الْبَعِيدَةِ أَيْ: بَعُدَتْ عَنْ بَيْتِ أَبِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: ” مَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ حَتَّى يَبِنَّ أَوْ يَمُتْنَ ” يَبِنَّ، بِفَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ: يَتَزَوَّجْنَ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: ” حَتَّى بَانُوا أَوْ مَاتُوا “. وَبِئْرٌ بَيُونٌ: وَاسِعَةُ مَا بَيْنَ الْجَالَيْنِ، وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: هِيَ الَّتِي لَا يُصِيبُهَا رِشَاؤُهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ جِرَابَ الْبِئْرِ مُسْتَقِيمٌ، وَقِيلَ: الْبَيُونُ الْبِئْرُ الْوَاسِعَةُ الرَّأْسِ الضَّيِّقَةُ الْأَسْفَلِ، وَأَنْشَدَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ:

إِنَّكَ لَوْ دَعَوْتِنِي، وَدُونِي     زَوْرَاءُ ذَاتُ مَنْزَعٍ بَيُونِ
لَقُلْتُ: لَبَّيْهِ لِمَنْ يَدْعُونِي.

فَجَعَلَهَا زَوْرَاءَ، وَهِيَ الَّتِي فِي جِرَابِهَا عَوَجٌ، وَالْمَنْزَعُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَصْعَدُ فِيهِ الدَّلْوُ إِذَا نُزِعَ مِنَ الْبِئْرِ، فَذَلِكَ الْهَوَاءُ هُوَ الْمَنْزَعُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِئْرٌ بَيُونٌ وَهِيَ الَّتِي يُبِينُ الْمُسْتَقِي الْحَبْلَ فِي جِرَابِهَا لِعَوَجٍ فِي جُولِهَا، قَاْلَ جَرِيرٌ يَصِفُ خَيْلًا وَصَهِيلَهَا:

يَشْنِفْنَ لِلنَّظَرِ الْبَعِيدِ، ڪَأَنَّمَا     إِرْنَانُهَا بِبَوَائِنِ الْأَشْطَانِ.

أَرَادَ ڪَأَنَّهَا تَصْهَلُ فِي رَكَايَا تُبَانُ أَشْطَانُهَا عَنْ نَوَاحِيهَا لِعَوَجٍ فِيهَا إِرْنَانُهَا ذَوَاتُ الْأَذَنِ وَالنَّشَاطِ مِنْهَا، أَرَادَ أَنَّ فِي صَهِيلِهَا خُشْنَةً وَغِلَظًا ڪَأَنَّهَا تَصْهَلُ فِي بِئْرٍ دَحُولٍ، وَذَلِكَ أَغْلَظُ لِصَهِيلِهَا. قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ – رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْبَيْتُ لِلْفَرَزْدَقِ لَا لِجَرِيرٍ، قَالَ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ يَصْهَلْنَ. وَالْبَائِنَةُ: الْبِئْرُ الْبَعِيدَةُ الْقَعْرِ الْوَاسِعَةُ، وَالْبَيُونُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَشْطَانَ تَبِينُ عَنْ جِرَابِهَا ڪَثِيرًا. وَأَبَانَ الدَّلْوَ عَنْ طَيِّ الْبِئْرِ: حَادَ بِهَا عَنْهُ لِئَلَّا يُصِيبَهَا فَتَنْخَرِقُ، قَالَ:

دَلْوُ عِرَاكٍ لَجَّ بِي مَنِينُهَا     لَمْ تَرَ قَبْلِي مَاتِحًا يُبِينُهَا.

وَتَقُولُ: هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَلَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ اثْنَيْنِ، وَقَالُوا: بَيْنَا نَحْنُ ڪَذَلِكَ إِذْ حَدَثَ ڪَذَا، قَاْلَ أَنْشَدَهُ سِيبَوَيْهِ:

فَبَيْنَا نَحْنُ نَرْقُبُهُ، أَتَانَا     مُعَلِّقُ وَفْضَةٍ، وَزِنَادُ رَاعٍ.

إِنَّمَا أَرَادَ بَيْنَ نَحْنُ نَرْقُبُهُ أَتَانَا، فَأَشْبَعَ الْفَتْحَةَ فَحَدَثَتْ بَعْدَهَا أَلِفٌ، فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ أَضَافَ الظَّرْفَ الَّذِي هُوَ ” بَيْنَ “، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ هَذَا الظَّرْفَ لَا يُضَافُ مِنَ الْأَسْمَاءِ إِلَّا لِمَا يَدُلُّ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الْوَاحِدِ أَوْ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بِالْوَاوِ دُونَ سَائِرِ حُرُوفِ الْعَطْفِ نَحْوَ: الْمَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَالْمَالُ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَقَوْلُهُ: نَحْنُ نَرْقُبُهُ جُمْلَةٌ، وَالْجُمْلَةُ لَا يُذْهَبُ لَهَا بَعْدَ هَذَا الظَّرْفِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَهُنَا وَاسِطَةً مَحْذُوفَةً وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ بَيْنَ أَوْقَاتِ نَحْنُ نَرْقُبُهُ أَتَانَا أَيْ: أَتَانَا بَيْنَ أَوْقَاتِ رَقْبَتِنَا إِيَّاهُ، وَالْجُمَلُ مِمَّا يُضَافُ إِلَيْهَا أَسْمَاءُ الزَّمَانِ نَحْوَ أَتَيْتُكَ زَمَنَ الْحَجَّاجُ أَمِيرٌ، وَأَوَانَ الْخَلِيفَةُ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ إِنَّهُ حُذِفَ الْمُضَافُ الَّذِي هُوَ أَوْقَاتٌ وَوَلِيَ الظَّرْفُ الَّذِي ڪَانَ مُضَافًا إِلَى الْمَحْذُوفِ الْجُمْلَةُ الَّتِي أُقِيمَتْ مُقَامَ الْمُضَافِ إِلَيْهَا ڪَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ; أَيْ أَهْلَ الْقَرْيَةِ، وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَخْفِضُ بَعْدَ بَيْنَا إِذَا صَلَحَ فِي مَوْضِعِهِ بَيْنَ وَيُنْشِدُ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ، بِالْكَسْرِ:

بَيْنَا تَعَنُّقِهِ الْكُمَاةَ وَرَوْغِهِ     يَوْمًا، أُتِيحَ لَهُ جَرِيءٌ سَلْفَعُ.

وَغَيْرُهُ يَرْفَعُ مَا بَعْدَ بَيْنَا وَبَيْنَمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَالَّذِي يُنْشِدُ بِرَفْعِ تَعَنُّقِهِ وَبِخَفْضِهَا قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ بَعْدَهَا قَوْلُ الْآخَرِ:

كُنْ ڪَيْفَ شِئْتَ، فَقَصْرُكَ الْمَوْتُ     لَا مَزْحَلٌ عَنْهُ وَلَا فَوْتُ
بَيْنَا غِنَى بَيْتٍ وَبَهْجَتِهِ     زَالَ الْغِنَى وَتَقَوَّضَ الْبَيْتُ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ تَأْتِي إِذْ فِي جَوَابِ بَيْنَا ڪَمَا قَاْلَ حُمَيْدٌ الْأَرْقَطِ:

بَيْنَا الْفَتَى يَخْبِطُ فِي غَيْسَاتِهِ     إِذِ انْتَمَى الدَّهْرُ إِلَى عِفْرَاتِهِ
.

وَقَالَ آخَرُ:

بَيْنَا ڪَذَلِكَ إِذْ هَاجَتْ     هَمَرَّجَةٌ تَسْبِي وَتَقْتُلُ
حَتَّى يَسْأَمَ النَّاسُ
.

وَقَالَ الْقُطَامِيُّ:

فَبَيْنَا عُمَيْرٌ طَامِحُ الطَّرْفِ يَبْتَغِي عُبَادَةَ، إِذْ وَاجَهْتُ أَصْحَمَ ذَا خَتْرِ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ إِذْ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي جَوَابِ بَيْنَمَا بِزِيَادَةِ مَا، وَهَذِهِ بَعْدَ بَيْنَا ڪَمَا تَرَى، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بَيْنَمَا وَلَيْسَ فِي جَوَابِهَا إِذْ ڪَقَوْلِ ابْنِ هَرْمَةَ فِي بَابِ النَّسِيبِ مِنَ الْحَمَاسَةِ:

بَيْنَمَا نَحْنُ بِالْبَلَاكِثِ فَالْقَا عِ سِرَاعًا،
وَالْعِيسُ تَهْوِي هُوِيَّا خَطَرَتْ خَطْرَةٌ     عَلَى الْقَلْبِ مِنْ ذِكْ رَاكِ وَهْنًا
فَمَا اسْتَطَعْتُ مُضِيًّا
.

وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:

بَيْنَمَا الْمَرْءُ ڪَالرُّدَيْنِيِّ ذِي الْجُبْ     بَةِ سَوَّاهُ مُصْلِحُ التَّثْقِيفِ
رَدَّهُ دَهْرُهُ الْمُضَلِّلُ، حَتَّى     عَادَ مِنْ بَعْدِ مَشْيِهِ التَّدْلِيفِ.

وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَبِي دُوَادٍ:

بَيْنَمَا الْمَرْءُ آمِنٌ، رَاعَهُ رَا     ئِعُ حَتْفٍ لَمْ يَخْشَ مِنْهُ انْبِعَاقَهْ.

وَفِي الْحَدِيثِ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، أَصْلُ بَيْنَا بَيْنَ، فَأُشْبِعَتِ الْفَتْحَةُ فَصَارَتْ أَلِفًا، وَيُقَالُ: بَيْنَا وَبَيْنَمَا، وَهُمَا ظَرْفَا زَمَانٍ بِمَعْنَى الْمُفَاجَأَةِ، وَيُضَافَانِ إِلَى جُمْلَةٍ مِنْ فِعْلٍ وَفَاعِلٍ وَمُبْتَدَإٍ وَخَبَرٍ، وَيَحْتَاجَانِ إِلَى جَوَابٍ يَتِمُّ بِهِ الْمَعْنَى، قَالَ: وَالْأَفْصَحُ فِي جَوَابِهِمَا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ إِذْ وَإِذَا، وَقَدْ جَاءَا فِي الْجَوَابِ ڪَثِيرًا، تَقُولُ: بَيْنَا زَيْدٌ جَالِسٌ دَخَلَ عَلَيْهِ عَمْرٌو، وَإِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُرَقَةِ بِنْتِ النُّعْمَانِ:

بَيْنَا نَسُوسُ النَّاسَ، وَالْأَمْرُ أَمْرُنَا     إِذَا نَحْنُ فِيهِمْ سُوقَةٌ نَتَنَصَّفُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا; فَإِنَّ الزَّجَّاجَ قَالَ: مَعْنَاهُ جَعَلَنَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ مَا يُوبِقُهُمْ أَيْ: يُهْلِكُهُمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ جَعَلْنَا بَيْنَهُمْ أَيْ: تَوَاصُلَهُمْ فِي الدُّنْيَا مَوْبِقًا لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ: هُلْكًا، وَتَكُونُ بَيْنَ صِفَةً بِمَنْزِلَةِ ” وَسَطَ ” ” وَخِلَالَ “. الْجَوْهَرِيُّ: وَبَيْنَ بِمَعْنَى وَسَطَ، تَقُولُ:  جَلَسْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ، ڪَمَا تَقُولُ: وَسْطَ الْقَوْمِ، بِالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ ظَرْفٌ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ اسْمًا أَعْرَبْتَهُ، تَقُولُ: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُمْ، بِرَفْعِ النُّونِ، ڪَمَا قَاْلَ أَبُو خِرَاشٍ الُهُذَلِيُّ يَصِفُ عُقَابًا:

فَلَاقَتْهُ بِبَلْقَعَةٍ بَرَاحِ     فَصَادَفَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ الْجَبُوبَا.

الْجَبُوبُ: وَجْهُ الْأَرْضِ. الْأَزْهَرِيُّ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: رُوِيَ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ أَنَّهُ قَالَ: الْكَوَاكِبُ الْبَبَانِيَاتُ هِيَ الَّتِي لَا يَنْزِلُهَا شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ إِنَّمَا يُهْتَدَى بِهَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَهِيَ شَامِيَّةٌ، وَمَهَبُّ الشَّمَالِ مِنْهَا، أَوَّلُهَا الْقُطْبُ وَهُوَ ڪَوْكَبٌ لَا يَزُولُ، وَالْجَدْيُ وَالْفَرْقَدَانُ، وَهُوَ بَيْنَ الْقُطْبِ، وَفِيهِ بَنَاتُ نَعْشٍ الصُّغْرَى، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: سَمِعْتُ الْمُبَرِّدَ يَقُولُ: إِذَا ڪَانَ الِاسْمُ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَ بَيْنَا اسْمًا حَقِيقِيًّا رَفَعْتَهُ بِالِابْتِدَاءِ، وَإِنْ ڪَانَ اسْمًا مَصْدَرِيًّا خَفَضْتَهُ، وَيَكُونُ بَيْنَا فِي هَذَا الْحَالِ بِمَعْنَى بَيْنَ، قَالَ: فَسَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى عَنْهُ وَلَمْ أُعْلِمْهُ قَائِلَهُ فَقَالَ: هَذَا الدُّرُّ، إِلَّا أَنَّ مِنَ الْفُصَحَاءِ مَنْ يَرْفَعُ الِاسْمَ الَّذِي بَعْدَ بَيْنَا وَإِنْ ڪَانَ مَصْدَرِيًّا فَيُلْحِقُهُ بِالِاسْمِ الْحَقِيقِيِّ; وَأَنْشَدَ بَيْتًا لِلْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ:

بَيْنَا غِنَى بَيْتٍ وَبَهْجَتِهِ     ذَهَبَ الْغِنَى وَتَقَوَّضَ الْبَيْتُ.

وَجَائِزٌ: وَبَهْجَتُهُ، قَالَ: وَأَمَّا بَيْنَمَا فَالِاسْمُ الَّذِي بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ، وَكَذَلِكَ الْمَصْدَرُ. ابْنُ سِيدَهْ: وَبَيْنَا وَبَيْنَمَا مِنْ حُرُوفِ الِابْتِدَاءِ، وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ فِي بَيْنَا بِصِلَةٍ، وَبَيْنَا فَعْلَى أُشْبِعَتِ الْفَتْحَةُ فَصَارَتْ أَلِفًا، وَبَيْنَمَا بَيْنَ زِيدَتْ عَلَيْهِ مَا، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَهَذَا الشَّيْءُ بَيْنَ بَيْنَ أَيْ: بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ، وَهُمَا اسْمَانِ جُعِلَا وَاحِدًا وَبُنِيَا عَلَى الْفَتْحِ، وَالْهَمْزَةُ الْمُخَفَّفَةُ تُسَمَّى هَمْزَةٌ بَيْنَ بَيْنَ، وَقَالُوا: بَيْنَ بَيْنَ يُرِيدُونَ التَّوَسُّطَ ڪَمَا قَاْلَ عَبِيدُ بْنُ الْأَبْرَصِ:

نَحْمِي حَقِيقَتَنَا، وَبِعْ     ضُ الْقَوْمِ يَسْقُطُ بَيْنَ بَيْنَا.

وَكَمَا يَقُولُونَ: هَمْزَةٌ بَيْنَ بَيْنَ أَيْ: أَنَّهَا هَمْزَةٌ بَيْنَ الْهَمْزَةِ، وَبَيْنَ حَرْفِ اللِّينِ، وَهُوَ الْحَرْفُ الَّذِي مِنْهُ حَرَكَتُهَا إِنْ ڪَانَتْ مَفْتُوحَةً، فَهِيَ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ مِثْلُ سَأَلَ، وَإِنْ ڪَانَتْ مَكْسُورَةً فَهِيَ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ مِثْلُ سَئِمَ، وَإِنْ ڪَانَتْ مَضْمُومَةً فَهِيَ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ مِثْلُ لَؤُمَ، إِلَّا أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا تَمْكِينُ الْهَمْزَةِ الْمُحَقَّقَةِ، وَلَا تَقَعُ الْهَمْزَةُ الْمُخَفَّفَةُ أَبَدًا أَوَّلًا لِقُرْبِهَا بِالضَّعْفِ مِنَ السَّاكِنِ، إِلَّا أَنَّهَا وَإِنْ ڪَانَتْ قَدْ قَرُبَتْ مِنَ السَّاكِنِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا تَمْكِينُ الْهَمْزَةِ الْمُحَقَّقَةِ فَهِيَ مُتَحَرِّكَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ، فَالْمَفْتُوحَةُ نَحْوُ قَوْلِكَ فِي سَأَلَ سَأَلَ، وَالْمَكْسُورَةُ نَحْوُ قَوْلِكَ فِي سَئِمَ سَئِمَ، وَالْمَضْمُومَةُ نَحْوُ قَوْلِكَ فِي لَؤُمَ لَؤُمَ، وَمَعْنَى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ بَيْنَ بَيْنَ أَنَّهَا ضَعِيفَةٌ لَيْسَ لَهَا تَمْكِينُ الْمُحَقَّقَةِ وَلَا خُلُوصُ الْحَرْفِ الَّذِي مِنْهُ حَرَكَتُهَا، قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: وَسُمِّيَتْ بَيْنَ بَيْنَ لِضَعْفِهَا، وَأَنْشَدَ بَيْتَ عَبِيدِ بْنِ الْأَبْرَصِ:

وَبَعْضُ الْقَوْمِ يَسْقُطُ بَيْنَ بَيْنَا.

أَيْ: يَتَسَاقَطُ ضَعِيفًا غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ، قَاْلَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَاْلَ السِّيرَافِيُّ: ڪَأَنَّهُ قَاْلَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ ڪَأَنَّهُ رَجُلٌ يَدْخُلُ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ فَيَسْقُطُ وَلَا يُذْكَرُ فِيهِ، قَاْلَ الشَّيْخُ: وَيَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يُرِيدَ بَيْنَ الدُّخُولِ فِي الْحَرْبِ وَالتَّأَخُّرِ عَنْهَا ڪَمَا يُقَالُ: فُلَانُ يُقَدِّمُ رِجْلًا وَيُؤَخِّرُ أُخْرَى. وَلَقِيتُهُ بُعَيْدَاتِ بَيْنَ إِذَا لَقِيتُهُ بَعْدَ حِينٍ ثُمَّ أَمْسَكْتُ عَنْهُ ثُمَّ أَتَيْتَهُ، وَقَوْلُهُ:

وَمَا خِفْتُ حَتَّى بَيَّنَ الشُّرْبُ وَالْأَذَى     بِقَانِئِهِ، إِنِّي مِنَ الْحَيِّ أَبْيَنُ.

أَيْ: بَائِنُ: وَالْبَيَانُ: مَا بُيِّنَ بِهِ الشَّيْءُ مِنَ الدَّلَالَةِ وَغَيْرِهَا. وَبَانَ الشَّيْءُ بَيَانًا: اتَّضَحَ فَهُوَ بَيِّنٌ، وَالْجَمْعُ أَبْيِنَاءُ، مِثْلُ هَيِّنٍ وَأَهْيِنَاءُ، وَكَذَلِكَ أَبَانَ الشَّيْءُ فَهُوَ مُبِينٌ، قَاْلَ الشَّاعِرُ:

لَوْ دَبَّ ذَرٌّ فَوْقَ ضَاحِي جِلْدِهَا     لَأَبَانَ مِنْ آثَارِهِنَّ حُدُورُ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ وَالْجَمْعُ أَبْيِنَاءُ مِثْلُ هَيِّنِ وَأَهْيِنَاءُ، قَالَ: صَوَابُهُ مِثْلُ هَيِّنٍ وَأَهْوِنَاءُ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْهَوَانِ. وَأَبَنْتُهُ أَنَا أَيْ: أَوْضَحْتُهُ. وَاسْتَبَانَ الشَّيْءُ: ظَهَرَ. وَاسْتَبَنْتُهُ أَنَا: عَرَفْتُهُ. وَتَبَيَّنَ الشَّيْءُ: ظَهَرَ وَتَبَيَّنْتُهُ أَنَا. تَتَعَدَّى هَذِهِ الثَّلَاثَةُ وَلَا تَتَعَدَّى. وَقَالُوا: بَانَ الشَّيْءُ وَاسْتَبَانَ وَتَبَيَّنَ وَأَبَانَ وَبَيَّنَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ، بِكَسْرِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا، بِمَعْنَى مُتَبَيِّنَاتٍ، وَمَنْ قَرَأَ (مُبَيَّنَاتٍ) بِفَتْحِ الْيَاءِ فَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَهَا. وَفِي الْمَثَلِ: قَدْ بَيَّنَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ أَيْ: تَبَيَّنَ، وَقَالَ ابْنُ ذَرِيحٍ:

وَلِلْحُبِّ آيَاتٌ تُبَيِّنُ لِلْفَتَى     شُحُوبًا، وَتَعْرَى مِنْ يَدَيْهِ الْأَشَاحِمُ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ وَيُرْوَى: تَبَيَّنَ بِالْفَتَى شُحُوبٌ. وَالتَّبْيِينُ: الْإِيضَاحُ. وَالتَّبْيِينُ أَيْضًا: الْوُضُوحُ، قَاْلَ النَّابِغَةُ:

إِلَّا الْأَوَارِيُّ لَأْيًا مَا أُبَيِّنُهَا     وَالنُّؤْيُ ڪَالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَةِ الْجَلَدِ.

يَعْنِي أَتَبَيَّنُهَا. وَالتِّبْيَانُ: مَصْدَرٌ، وَهُوَ شَاذٌّ؛ لِأَنَّ الْمَصَادِرَ إِنَّمَا تَجِيءُ عَلَى التَّفْعَالِ، بِفَتْحِ التَّاءِ، مِثْلُ التَّذْكَارِ وَالتَّكْرَارِ وَالتَّوْكَافِ، وَلَمْ يَجِئْ بِالْكَسْرِ إِلَّا حَرْفَانِ وَهْمَا التِّبْيَانُ وَالتِّلْقَاءُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ آدَمَ وَمُوسَى – عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: ” أَعْطَاكَ اللَّهُ التَّوْرَاةَ فِيهَا تِبْيَانُ ڪُلِّ شَيْءٍ ” أَيْ: ڪَشْفُهُ وَإِيضَاحُهُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ قَلِيلٌ؛ لِأَنَّ مَصَادِرَ أَمْثَالِهِ بِالْفَتْحِ. وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ، يُرِيدُ النِّسَاءَ أَيْ: الْأُنْثَى لَا تَكَادُ تَسْتَوْفِي الْحُجَّةَ وَلَا تُبَيِّنُ، وَقِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: إِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكَادُ تَحْتَجُّ بِحُجَّةٍ إِلَّا عَلَيْهَا، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يَعْنِي بِهِ الْأَصْنَامَ، وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ. وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ; أَيْ: ظَاهِرَةٍ مُتَبَيِّنَةٍ. قَاْلَ ثَعْلَبٌ: يَقُولُ إِذَا طَلَّقَهَا لَمْ يُحِلُّ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ، وَلَا أَنْ يُخْرِجَهَا هُوَ إِلَّا بِحَدٍّ يُقَامُ عَلَيْهَا، وَلَا تَبِينُ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي طُلِّقَتْ فِيهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ ثُمَّ تَخْرُجُ حَيْثُ شَاءَتْ، وَبِنْتُهُ أَنَا وَأَبَنْتُهُ وَاسْتَبَنْتُهُ وَبَيَّنْتُهُ، وَرَوِيَ بَيْتُ ذِي الرُّمَّةِ:

تُبَيِّنُ نِسْبَةَ الْمَرَئِيِّ لُؤْمًا     ڪَمَا بَيَّنْتَ فِي الْأَدَمِ الْعَوَارَا.

أَيْ: تُبَيِّنُهَا، وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: تُبَيِّنُ نِسْبَةُ، بِالرَّفْعِ، عَلَى قَوْلِهِ قَدْ  بَيَّنَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ. وَيُقَالُ: بَانَ الْحَقُّ يَبِينُ بَيَانًا، فَهُوَ بَائِنٌ، وَأَبَانَ يُبِينُ إِبَانَةً، فَهُوَ مُبِينٌ بِمَعْنَاهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ; أَيْ: وَالْكِتَابِ الْبَيِّنِ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْمُبِينِ الَّذِي أَبَانَ طُرُقَ الْهُدَى مِنْ طُرُقِ الضَّلَالَةِ وَأَبَانَ ڪُلَّ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: بَانَ الشَّيْءُ وَأَبَانَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: بَانَ الشَّيْءُ وَأَبَنْتُهُ، فَمَعْنَى مُبِينٍ أَنَّهُ مُبِينٌ خَيْرَهُ وَبَرَكَتَهُ، أَوْ مُبِينٌ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ وَالْحَلَالَ مِنَ الْحَرَامِ، وَمُبِينٌ أَنَّ نُبُوَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حَقٌّ، وَمُبِينٌ قَصَصَ الْأَنْبِيَاءِ. قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَيَكُونُ الْمُسْتَبِينُ أَيْضًا بِمَعْنَى الْمُبِينِ، قَاْلَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَالِاسْتِبَانَةُ يَكُونُ وَاقِعًا. وَيُقَالُ: اسْتَبَنْتُ الشَّيْءَ إِذَا تَأَمَّلْتَهُ حَتَّى تَبَيَّنَ لَكَ. قَاْلَ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ; الْمَعْنَى: وَلِتَسْتَبِينَ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ أَيْ: لِتَزْدَادَ اسْتِبَانَةً، وَإِذَا بَانَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ فَقَدْ بَانَ سَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَكْثَرُ الْقُرَّاءِ قَرَءُوا: وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ; وَالِاسْتِبَانَةُ حِينَئِذٍ يَكُونُ غَيْرَ وَاقِعٍ. وَيُقَالُ: تَبَيَّنْتُ الْأَمْرَ أَيْ: تَأَمَّلْتُهُ وَتَوَسَّمْتُهُ، وَقَدْ تَبَيَّنَ الْأَمْرُ يَكُونُ لَازِمًا وَوَاقِعًا، وَكَذَلِكَ بَيَّنْتُهُ فَبَيَّنَ أَيْ: تَبَيَّنَ، لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ. وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ; أَيْ: بُيِّنَ لَكَ فِيهِ ڪُلُّ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، وَهَذَا مِنَ اللَّفْظِ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بَيَّنْتُ الشَّيْءَ تَبْيِينًا وَتِبْيَانًا، بِكَسْرِ التَّاءِ، وَتِفْعَالٌ بِكَسْرِ التَّاءِ يَكُونُ اسْمًا، فَأَمَّا الْمَصْدَرُ فَإِنَّهُ يَجِيءُ عَلَى تَفْعَالٍ بِفَتْحِ التَّاءِ مِثْلُ التَّكْذَابِ وَالتَّصْدَاقِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَفِي الْمَصَادِرِ حَرْفَانِ نَادِرَانِ: وَهُمَا تِلْقَاءُ الشَّيْءِ وَالتِّبْيَانِ، قَالَ: وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” أَلَا إِنَّ التَّبْيِينَ مِنَ اللَّهِ وَالْعَجَلَةَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَتَبَيَّنُوا “، قَاْلَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَاْلَ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: التَّبْيِينُ التَّثَبُّتُ فِي الْأَمْرِ وَالتَّأَنِّي فِيهِ، وَقُرِئَ قَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا، وَقُرِئَ (فَتَثْبَّتُوا) وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ. وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا، وَفَتَثَبَّتُوا، قُرِئَ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ: الْكِتَابِ الْمُبِينِ قَالَ: وَهُوَ التِّبْيَانُ، وَلَيْسَ عَلَى الْفِعْلِ، إِنَّمَا هُوَ بِنَاءٌ عَلَى حِدَةٍ، وَلَوْ ڪَانَ مَصْدَرًا لَفُتِحَتْ ڪَالتَّقْتَالِ، فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَيَّنْتُ ڪَالْغَارَةِ مِنْ أَغَرْتُ. وَقَالَ ڪُرَاعٍ: التِّبْيَانُ مَصْدَرٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا التِّلْقَاءُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَبَيْنَهُمَا بَيْنٌ أَيْ: بُعْدٌ، لُغَةٌ فِي بَوْنٍ، وَالْوَاوُ أَعْلَى، وَقَدْ بَانَهُ بَيْنًا. وَالْبَيَانُ: الْفَصَاحَةُ وَاللَّسَنُ وَكَلَامٌ بَيِّنٌ فَصِيحٌ. وَالْبَيَانُ: الْإِفْصَاحُ مَعَ ذَكَاءٍ. وَالْبَيِّنُ مِنَ الرِّجَالِ: الْفَصِيحُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الْبَيِّنُ مِنَ الرِّجَالِ السَّمْحُ اللِّسَانِ الْفَصِيحُ الظَّرِيفُ الْعَالِي الْكَلَامِ الْقَلِيلُ الرَّتَجِ. وَفُلَانٌ أَبْيَنُ مِنْ فُلَانٍ أَيْ: أَفْصَحُ مِنْهُ وَأَوْضَحُ ڪَلَامًا. وَرَجُلٌ بَيِّنٌ: فَصِيحٌ، وَالْجَمْعُ أَبْيِنَاءُ، صَحَّتِ الْيَاءُ لِسُكُونِ مَا قَبْلَهَا; وَأَنْشَدَ شَمِرٌ:

قَدْ يَنْطِقُ الشِّعْرَ الْغَبِيُّ وَيَلْتَئِي     عَلَى الْبَيِّنِ السَّفَّاكِ، وَهُوَ خَطِيبُ.

قَوْلُهُ يَلْتَئِي أَيْ: يُبْطِئُ، مِنَ الْلَّأْيِ، وَهُوَ الْإِبْطَاءُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِي جَمْعِهِ أَبْيَانَ وَبُيَنَاءَ، فَأَمَّا أَبْيَانٌ فَكَمَيِّتٍ وَأَمْوَاتٍ، قَاْلَ سِيبَوَيْهِ: شَبَّهُوا فَيْعِلًا بِفَاعِلٍ حِينَ قَالُوا: شَاهِدٌ وَأَشْهَادٌ، قَالَ: وَمِثْلُهُ يَعْنِي مَيِّتًا وَأَمْوَاتًا، قَيِّلٌ وَأَقْيَالٌ، وَكَيِّسٌ وَأَكْيَاسٌ، وَأَمَا بُيِّنَاءُ فَنَادِرٌ، وَالْأَقْيَسُ فِي ذَلِكَ جَمْعُهُ بِالْوَاوِ، وَهُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ قَالَ: ” إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكَمًا “، قَالَ: الْبَيَانُ إِظْهَارُ الْمَقْصُودِ بِأَبْلَغِ لَفْظٍ، وَهُوَ الْفَهْمُ وَذَكَاءُ الْقَلْبِ مَعَ اللَّسَنِ، وَأَصْلُهُ الْكَشْفُ وَالظُّهُورُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَهُوَ أَقْوَمُ بِحُجَّتِهِ مِنْ خَصْمِهِ، فَيَقْلِبُ الْحَقَّ بِبَيَانِهِ إِلَى نَفْسِهِ; لِأَنَّ مَعْنَى السِّحْرِ قَلْبُ الشَّيْءِ فِي عَيْنِ الْإِنْسَانِ وَلَيْسَ بِقَلْبِ الْأَعْيَانِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّهُ يَبْلُغُ مِنْ بَيَانِ ذِي الْفَصَاحَةِ أَنَّهُ يَمْدَحُ الْإِنْسَانَ فَيُصَدَّقُ فِيهِ حَتَّى يَصْرِفَ الْقُلُوبَ إِلَى قَوْلِهِ وَحُبِّهِ، ثُمَّ يَذُمُّهُ فَيُصَدِّقُ فِيهِ حَتَّى يَصْرِفَ الْقُلُوبَ إِلَى قَوْلِهِ وَبُغْضِهِ، فَكَأَنَّهُ سَحَرَ السَّامِعِينَ بِذَلِكَ، وَهُوَ وَجْهُ قَوْلِهِ: إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: ” الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ “، أَرَادَ أَنَّهُمَا خَصْلَتَانِ مَنْشَؤُهُمَا النِّفَاقُ، أَمَّا الْبَذَاءُ وَهُوَ الْفُحْشُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْبَيَانُ فَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ بِالذَّمِّ التَّعَمُّقَ فِي النُّطْقِ وَالتَّفَاصُحَ وَإِظْهَارَ التَّقَدُّمِ فِيهِ عَلَى النَّاسِ وَكَأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْعُجْبِ وَالْكِبْرِ، وَلِذَلِكَ قَاْلَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: الْبَذَاءُ وَبَعْضُ الْبَيَانِ; لِأَنَّهُ لَيْسَ ڪُلُّ الْبَيَانِ مَذْمُومًا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ، قِيلَ: إِنَّهُ عَنَى بِالْإِنْسَانِ هَهُنَا النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَّمَهُ الْبَيَانَ أَيْ: عَلَّمَهُ الْقُرْآنَ الَّذِي فِيهِ بَيَانُ ڪُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: الْإِنْسَانُ هَنَا آدَمُ – عَلَيْهِ السَّلَامُ – وَيَجُوزُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ اسْمًا لِجِنْسِ النَّاسِ جَمِيعًا وَيَكُونُ عَلَى هَذَا عَلَّمَهُ الْبَيَانَ جَعَلَهُ مُمَيِّزًا حَتَّى انْفَصَلَ الْإِنْسَانُ بِبَيَانِهِ وَتَمْيِيزِهِ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ. وَيُقَالُ: بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ بَيْنٌ بَعِيدٌ وَبَوْنٌ بَعِيدٌ، قَاْلَ أَبُو مَالِكٍ: الْبَيْنُ الْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، يَكُونُ إِمَّا حَزْنًا أَوْ بِقُرْبِهِ رَمْلٌ، وَبَيْنَهُمَا شَيْءٌ لَيْسَ بِحَزْنٍ وَلَا سَهْلٍ. وَالْبَوْنُ: الْفَضْلُ وَالْمَزِيَّةُ. يُقَالُ: بَانَهُ يَبُونُهُ وَيَبِينُهُ، وَالْوَاوُ أَفْصَحُ، فَأَمَّا فِي الْبُعْدِ فَيُقَالُ: إِنَّ بَيْنَهُمَا لَبَيْنًا لَا غَيْرَ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: أَوَّلُ مَا يُبِينُ عَلَى أَحَدِكُمْ فَخِذُهُ أَيْ: يُعْرِبُ وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ. وَنَخْلَةٌ بَائِنَةٌ: فَاتَتْ ڪَبَائِسُهَا الْكَوَافِيرَ وَامْتَدَّتْ عَرَاجِينُهَا وَطَالَتْ، حَكَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَنْشَدَ لِحَبِيبٍ الْقُشَيْرِيِّ:

مِنْ ڪُلِّ بَائِنَةٍ تَبِينُ عُذُوقَهَا     عَنْهَا، وَحَاضِنَةٍ لَهَا مِيقَارُ.

قَوْلُهُ: تَبِينُ عُذُوقَهَا يَعْنِي أَنَّهَا تَبِينُ عُذُوقَهَا عَنْ نَفْسِهَا. وَالْبَائِنُ وَالْبَائِنَةُ مِنَ الْقِسِيِّ: الَّتِي بَانَتْ مِنْ وَتَرِهَا، وَهِيَ ضِدُّ الْبَانِيَةِ، إِلَّا أَنَّهَا عَيْبٌ، وَالْبَانَاةُ مَقْلُوبَةٌ عَنِ الْبَانِيَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْبَائِنَةُ الْقَوْسُ الَّتِي بَانَتْ عَنْ وَتَرِهَا ڪَثِيرًا، وَأَمَّا الَّتِي قَرُبَتْ مِنْ وَتَرِهَا حَتَّى ڪَادَتْ تَلْصَقُ بِهِ فَهِيَ الْبَانِيَةُ، بِتَقْدِيمِ النُّونِ، قَالَ: وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ. وَالْبَانَاةُ: النَّبْلُ الصِّغَارُ، حَكَاهُ السُّكَّرِيُّ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ. وَلِلنَّاقَةِ حَالِبَانِ: أَحَدُهُمَا يُمْسِكُ الْعُلْبَةَ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرُ يَحْلُبُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، وَالَّذِي يَحْلُبُ يُسَمَّى الْمُسْتَعْلِي وَالْمُعَلِّي، وَالَّذِي يُمْسِكُ يُسَمَّى الْبَائِنَ. وَالْبَيْنُ: الْفِرَاقُ. التَّهْذِيبُ: وَمِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ: اسْتُ الْبَائِنِ أَعْرَفُ، وَقِيلَ: أَعْلَمُ، أَيْ: مَنْ وَلِيَ أَمْرًا وَمَارَسَهُ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِمَّنْ لَمْ يُمَارِسْهُ، قَالَ: وَالْبَائِنُ الَّذِي يَقُومُ عَلَى يَمِينِ النَّاقَةِ إِذَا حَلَبَهَا، وَالْجَمْعُ الْبُيَّنُ،  وَقِيلَ: الْبَائِنُ وَالْمُسْتَعْلِي هُمَا الْحَالِبَانِ اللَّذَانِ يَحْلُبَانِ النَّاقَةَ أَحَدُهُمَا حَالِبٌ، وَالْآخَرُ مُحْلِبٌ، وَالْمُعِينُ هُوَ الْمُحْلِبُ، وَالْبَائِنُ عَنْ يَمِينِ النَّاقَةِ يُمْسِكُ الْعُلْبَةَ، وَالْمُسْتَعْلِي الَّذِي عَنْ شِمَالِهَا، وَهُوَ الْحَالِبُ يَرْفَعُ الْبَائِنُ الْعُلْبَةَ إِلَيْهِ، قَاْلَ الْكُمَيْتُ:

يُبَشِّرُ مُسْتَعْلِيًا بَائِنٌ     مِنَ الْحَالِبَيْنِ، بِأَنْ لَا غِرَارَا.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْبَائِنُ الَّذِي يَأْتِي الْحَلُوبَةَ مِنْ قِبَلِ شِمَالِهَا، وَالْمُعَلِّي الَّذِي يَأْتِي مِنْ قِبَلِ يَمِينِهَا. وَالْبِينُ، بِالْكَسْرِ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْأَرْضِ قَدْرُ مَدِّ الْبَصَرِ مِنَ الطَّرِيقِ، وَقِيلَ: هُوَ ارْتِفَاعٌ فِي غِلَظٍ، وَقِيلَ: هُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ. وَالْبِينُ أَيْضًا: النَّاحِيَةُ، قَاْلَ الْبَاهِلِيُّ: الْمِيلُ قَدْرُ مَا يُدْرِكُ بَصَرُهُ مِنَ الْأَرْضِ، وَفَصْلٌ بَيْنَ ڪُلِّ أَرْضَيْنِ يُقَالُ لَهُ: بِينٌ، قَالَ: وَهِيَ التُّخُومُ، وَالْجَمْعُ بُيُونٌ، قَاْلَ ابْنُ مُقْبِلٍ يُخَاطِبُ الْخَيَالَ:

لَمْ تَسْرِ لَيْلَى وَلَمْ تَطْرُقْ لِحَاجَتِهَا     مِنْ أَهْلِ رَيْمَانَ، إِلَّا حَاجَةً فِينَا
بَسَرْوِ حِمْيَرِ أَبْوَالُ الْبِغَالِ بِهِ     أَنَّى تَسَدَّيْتَ وَهْنَا ذَلِكَ الْبِينَا.

وَمَنْ ڪَسَرَ التَّاءَ وَالْكَافَ ذَهَبَ بِالتَّأْنِيثِ إِلَى ابْنَةِ الْبِكْرِيِّ صَاحِبَةِ الْخَيَالِ، قَالَ: وَالتَّذْكِيرُ أَصْوَبُ. وَيُقَالُ: سِرْنَا مِيلًا أَيْ: قَدْرَ مَدِّ الْبَصَرِ، وَهُوَ الْبِينُ. وَبِينٌ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْحِيرَةِ، وَمُبِينٌ: مَوْضِعٌ أَيْضًا، وَقِيلَ: اسْمُ مَاءٍ، قَاْلَ حَنْظَلَةُ بْنُ مُصَبَّحٍ:

يَا رِيَّهَا الْيَوْمَ عَلَى مُبِينِ     عَلَى مُبِينٍ جَرَدِ الْقَصِيمِ
التَّارِكِ الْمَخَاضَ ڪَالْأُرُومِ     وَفَحْلَهَا أَسْوَدَ ڪَالظَّلِيمِ.

جَمَعَ بَيْنَ النُّونِ وَالْمِيمِ، وَهَذَا هُوَ الْإِكْفَاءُ، قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ جَائِزٌ لِلْمَطْبُوعِ عَلَى قُبْحِهِ، يَقُولُ يَا رِيَّ نَاقَتِي عَلَى هَذَا الْمَاءِ، فَأَخْرَجَ الْكَلَامَ مُخْرَجَ النِّدَاءِ، وَهُوَ تَعَجُّبٌ. وَبَيْنُونَةُ: مَوْضِعٌ; قَالَ:

يَا رِيحَ بَيْنُونَةَ لَا تَذْمِينَا     جِئْتِ بِأَلْوَانِ الْمُصَفَّرِينَا.

وَهُمَا بَيْنُونَتَانِ بَيْنُونَةُ الْقُصْوَى وَبَيْنُونَةُ الدُّنْيَا، وَكِلْتَاهُمَا فِي شِقِّ بَنِي سَعْدٍ بَيْنَ عُمَانَ وَيَبْرِينِ. التَّهْذِيبُ: بَيْنُونَةٌ مَوْضِعٌ بَيْنَ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ وَبِيءٌ. وَعَدَنُ أَبْيَنَ وَإِبْيَنَ: مَوْضِعٌ، وَحَكَى السِّيرَافِيُّ: عَدَنَ أَبْيَنَ، وَقَالَ: أَبْيَنُ مَوْضِعٌ، وَمَثَّلَ سِيبَوَيْهِ بِأَبْيَنَ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَقِيلَ: عَدَنُ أَبْيَنَ اسْمُ قَرْيَةٍ عَلَى سِيفِ الْبَحْرِ نَاحِيَةَ الْيَمَنِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَبْيَنُ اسْمُ رَجُلٍ يُنْسَبُ إِلَيْهِ عَدَنُ، يُقَالُ: عَدَنُ أَبْيَنَ. وَالْبَانُ: شَجَرٌ يَسْمُو وَيَطُولُ فِي اسْتِوَاءٍ مِثْلُ نَبَاتِ الْأَثْلِ وَوَرَقُهُ أَيْضًا هُدْبٌ ڪَهَدَبِ الْأَثْلِ وَلَيْسَ لِخَشَبِهِ صَلَابَةٌ، وَاحِدَتُهُ بَانَةٌ، قَاْلَ أَبُو زِيَادٍ: مِنَ الْعِضَاهِ الْبَانُ وَلَهُ هَدَبٌ طُوَالٌ شَدِيدُ الْخُضْرَةِ، وَيَنْبُتُ فِي الْهِضَبِ، وَثَمَرَتُهُ تُشْبِهُ قُرُونَ اللُّوبْيَاءِ إِلَّا أَنَّ خُضْرَتَهَا شَدِيدَةٌ، وَلَهَا حَبٌّ وَمِنْ ذَلِكَ الْحَبِّ يُسْتَخْرَجُ دُهْنُ الْبَانِ. التَّهْذِيبُ: الْبَانَةُ شَجَرَةٌ لَهَا ثَمَرَةٌ تُرَبَّبُ بِأَفَاوِيهِ الطِّيبِ ثُمَّ يُعْتَصَرُ دُهْنُهَا طِيبًا، وَجَمْعُهَا الْبَانُ، وَلِاسْتِوَاءِ نَبَاتِهَا وَنَبَاتِ أَفْنَانِهَا وَطُولِهَا وَنَعْمَتِهَا شَبَّهَ الشُّعَرَاءُ الْجَارِيَةَ النَّاعِمَةَ ذَاتَ الشِّطَاطِ بِهَا فَقِيلَ: ڪَأَنَّهَا بَانَةٌ، وَكَأَنَّهَا غُصْنُ بَانٍ، قَاْلَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:

حَوْرَاءَ جَيْدَاءَ يُسْتَضَاءُ بِهَا     ڪَأَنَّهَا خُوطُ بَانَةٍ قَصِفُ.

ابْنُ سِيدَهْ: قَضَيْنَا عَلَى أَلِفِ الْبَانِ بِالْيَاءِ، وَإِنْ ڪَانَتْ عَيْنًا لِغَلَبَةٍ (ب ي ن) عَلَى (ب و ن).

معنى كلمة بين – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي


العودة إلى معجم لسان العرب حسب الحروف – قاموس عربي عربي

اترك تعليقاً