معنى حرف الهمزة – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي

معنى حرف الهمزة – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي


حَرْفُ الْهَمْزَةِ

نَذْكُرُ فِي هَذَا الْحَرْفِ الْهَمْزَةَ الْأَصْلِيَّةَ الَّتِي هِيَ لَامُ الْفِعْلِ، فَأَمَّا الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْوَاوِ نَحْوَ الْعَزَاءِ، الَّذِي أَصْلُهُ عَزَاوٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ” عَزَوْتُ “، أَوِ الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْيَاءِ نَحْوَ الْآبَاءِ، الَّذِي أَصْلُهُ ” أَبَايْ “؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَبَيْتُ، فَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَنُقَدِّمُ هُنَا الْحَدِيثَ فِي الْهَمْزَةِ.

قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْهَمْزَةَ لَا هِجَاءَ لَهَا، إِنَّمَا تُكْتَبُ مَرَّةً أَلِفًا وَمَرَّةً يَاءً وَمَرَّةً وَاوًا، وَالْأَلِفُ اللَّيِّنَةُ لَا حَرْفَ لَهَا، إِنَّمَا هِيَ جُزْءٌ مِنْ مَدَّةٍ بَعْدَ فَتْحَةٍ. وَالْحُرُوفُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا مَعَ الْوَاوِ وَالْأَلِفِ وَالْيَاءِ، وَتَتِمُّ بِالْهَمْزَةِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ حَرْفًا.

وَالْهَمْزَةُ ڪَالْحَرْفِ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَنَّ لَهَا حَالَاتٍ مِنَ التَّلْيِينِ وَالْحَذْفِ وَالْإِبْدَالِ وَالتَّحْقِيقِ تَعْتَلُّ، فَأُلْحِقَتْ بِالْأَحْرُفِ الْمُعْتَلَّةِ الْجُوفِ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْجَوْفِ، إِنَّمَا هِيَ حَلْقِيَّةٌ فِي أَقْصَى الْفَمِ؛ وَلَهَا أَلْقَابٌ ڪَأَلْقَابِ الْحُرُوفِ الْجُوفِ، فَمِنْهَا هَمْزَةُ التَّأْنِيثِ، ڪَهَمْزَةِ الْحَمْرَاءِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْعُشَرَاءِ وَالْخَشَّاءِ، وَكُلٌّ مِنْهَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَمِنْهَا الْهَمْزَةُ الْأَصْلِيَّةُ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ مِثْلَ: الْحِفَاءُ وَالْبَوَاءُ وَالْوَطَاءُ وَالطِّوَاءُ؛ وَمِنْهَا الْوَحَاءُ وَالْبَاءُ وَالدَّاءُ وَالْإِيطَاءُ فِي الشِّعْرِ. هَذِهِ ڪُلُّهَا هَمْزُهَا أَصْلِيٌّ. وَمِنْهَا هَمْزَةُ الْمَدَّةِ الْمُبْدَلَةُ مِنَ الْيَاءِ وَالْوَاوِ: ڪَهَمْزَةِ السَّمَاءِ وَالْبُكَاءِ وَالْكِسَاءِ وَالدُّعَاءِ وَالْجَزَاءِ وَمَا أَشْبَهَهَا.

وَمِنْهَا الْهَمْزَةُ الْمُجْتَلَبَةُ بَعْدَ الْأَلِفِ السَّاكِنَةِ نَحْوَ: هَمْزَةُ وَائِلٍ وَطَائِفٍ، وَفِي الْجَمْعِ نَحْوَ: ڪَتَائِبُ وَسَرَائِرُ. وَمِنْهَا الْهَمْزَةُ الزَّائِدَةُ نَحْوَ: هَمْزَةُ الشَّمْأَلِ وَالشَّأْمَلِ وَالْغَرْقَئِ. وَمِنْهَا الْهَمْزَةُ الَّتِي تُزَادُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ سَاكِنَانِ؛ نَحْوَ: اطْمَأَنَّ وَاشْمَأَزَّ وَازْبَأَرَّ وَمَا شَاكَلَهَا.

وَمِنْهَا هَمْزَةُ الْوَقْفَةِ فِي آخِرِ الْفِعْلِ لُغَةٌ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ نَحْوَ قَوْلِهِمْ لِلْمَرْأَةِ: قُولِئْ، وَلِلرَّجُلَيْنِ قُولَأْ، وَلِلْجَمِيعِ قُولُؤْ، لِهَذَا وَصَلُوا الْكَلَامَ لَمْ يَهْمِزُوا، وَيَهْمِزُونَ لَا إِذَا وَقَفُوا عَلَيْهَا. وَمِنْهَا هَمْزَةُ التَّوَهُّمِ ڪَمَا رَوَى الْفَرَّاءُ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ يَهْمِزُونَ مَا لَا هَمْزَ فِيهِ إِذَا ضَارَعَ الْمَهْمُوزَ.

قَالَ: وَسَمِعْتُ امْرَأَةً مِنْ غَنِيٍّ تَقُولُ: رَثَأْتُ زَوْجِي بِأَبْيَاتٍ، ڪَأَنَّهَا لَمَّا سَمِعَتْ رَثَأْتُ اللَّبَنَ ذَهَبَتْ إِلَى أَنَّ مَرْثِيَّةَ الْمَيِّتِ مِنْهَا. قَالَ: وَيَقُولُونَ لَبَّأْتُ بِالْحَجِّ وَحَلَّأْتُ السَّوِيقَ فَيَغْلَطُونَ؛ لِأَنَّ ” حَلَّأْتُ ” يُقَالُ فِي دَفْعِ الْعَطْشَانِ عَنِ الْمَاءِ، وَلَبَّأْتُ يَذْهَبُ بِهَا الْلَبَا. وَقَالُوا: اسْتَنْشَأَتِ الرِّيحُ وَالصَّوَابُ اسْتُنْشِيَتْ، ذَهَبُوا بِهِ إِلَى قَوْلِهِمْ: نَشَأَ السَّحَابُ. وَمِنْهَا الْهَمْزَةُ الْأَصْلِيَّةُ الظَّاهِرَةُ نَحْوَ هُمَزِ الْخَبْءِ وَالدِّفْءِ وَالْكُفْءِ وَالْعِبْءِ وَمَا أَشْبَهَهَا؛ وَمِنْهَا اجْتِمَاعُ هَمْزَتَيْنِ فِي ڪَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ نَحْوَ هَمْزَتَيِ الرِّئَاءِ وَالْحَاوَئَاءِ؛ وَأَمَّا الضِّيَاءُ فَلَا يَجُوزُ هَمْزُ يَائِهِ، وَالْمَدَّةُ الْأَخِيرَةُ فِيهِ هَمْزَةٌ أَصْلِيَّةٌ مِنْ ضَاءَ يَضُوءُ ضَوْءًا. قَاْلَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى فِيمَنْ هَمَزَ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ:

وَكُنْتُ أُرَجِّي بِئْرَ نَعْمَانَ حَائِرًا فَلَوَّأَ بِالْعَيْنَيْنِ وَالْأَنْفِ حَائِرُ

أَرَادَ لَوَّى فَهَمَزَ، ڪَمَا قَالَ:

كَمُشْتَرِئٍ بِالْحَمْدِ مَا لَا يَضِيرُهُ

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذِهِ لُغَةُ مَنْ يَهْمِزُ مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ. قَالَ: وَالنَّاسُ ڪُلُّهُمْ يَقُولُونَ، إِذَا ڪَانَتِ الْهَمْزَةُ طَرَفًا وَقَبْلَهَا سَاكِنٌ حَذَفُوهَا فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ، وَأَثْبَتُوهَا فِي النَّصْبِ، إِلَّا الْكِسَائِيَّ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ يُثْبِتُهَا ڪُلَّهَا.

قَالَ: لِهَذَا ڪَانَتِ الْهَمْزَةُ وُسْطَى أَجْمَعُوا ڪُلُّهُمْ عَلَى أَنْ لَا تَسْقُطَ.

قَالَ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِأَيِّ صُورَةٍ تَكُونُ الْهَمْزَةُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: نَكْتُبُهَا بِحَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا وَهُمُ الْجَمَاعَةُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الْقِيَاسِ: نَكْتُبُهَا بِحَرَكَةِ نَفْسِهَا؛ وَاحْتَجَّتِ الْجَمَاعَةُ بِأَنَّ الْخَطَّ يَنُوبُ عَنِ اللِّسَانِ.

قَالَ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُنَا أَنْ نُتَرْجِمَ بِالْخَطِّ مَا نَطَقَ بِهِ اللِّسَانُ. قَاْلَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ.

قَالَ: وَمِنْهَا اجْتِمَاعُ الْهَمْزَتَيْنِ بِمَعْنَيَيْنِ وَاخْتِلَافُ النَّحْوِيِّينَ فِيهِمَا. قَاْلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَأَنَذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ مِنَ الْقُرَّاءِ مَنْ يُحَقِّقُ الْهَمْزَتَيْنِ فَيَقْرَأُ: (أَأَنْذَرْتَهُمْ) قَرَأَ بِهِ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: (آأَنْذَرْتَهُمْ) مُطَوَّلَةً؛ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا أَشْبَهَهُ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (آأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ)، (آأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ)، (آإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) وَكَذَلِكَ قَرَأَ ابْنُ ڪَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَيَعْقُوبُ بِهَمْزَةٍ مُطَوَّلَةٍ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: (آأَنْذَرْتَهُمْ) بِأَلِفٍ بَيْنِ الْهَمْزَتَيْنِ، وَهِيَ لُغَةٌ سَائِرَةٌ بَيْنَ الْعَرَبِ. قَاْلَ ذُو الرُّمَّةِ:

تَطَالَلْتُ فَاسْتَشْرَفْتُهُ فَعَرَفْتُهُ     فَقُلْتُ لَهُ آأَنْتَ زَيْدُ الْأَرَانِبِ؟

وَأَنْشَدَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى:

خِرَقٌ إِذَا مَا الْقَوْمُ أَجْرَوْا فُكَاهَةً     تَذَكَّرَ آإِيَّاهُ يَعْنُونَ أَمْ قِرْدَا؟

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: زَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُحَقِّقُ الْهَمْزَةَ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ، وَإِنْ ڪَانَتَا مِنْ ڪَلِمَتَيْنِ. قَالَ: وَأَهْلُ الْحِجَازِ لَا يُحَقِّقُونَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا.

وَكَانَ الْخَلِيلُ يَرَى تَخْفِيفَ الثَّانِيَةِ، فَيَجْعَلُ الثَّانِيَةَ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ وَلَا يَجْعَلُهَا أَلِفًا خَالِصَةً. قَالَ: وَمَنْ جَعَلَهَا أَلِفًا خَالِصَةً، فَقَدْ أَخْطَأَ مِنْ جِهَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ. وَالْأُخْرَى: أَنَّهُ أَبْدَلَ مِنْ هَمْزَةٍ مُتَحَرِّكَةٍ قَبْلَهَا حَرَكَةٌ أَلِفًا، وَالْحَرَكَةُ الْفَتْحُ. قَالَ: وَإِنَّمَا حَقُّ الْهَمْزَةِ إِذَا تَحَرَّكَتْ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا أَنْ تُجْعَلَ بَيْنَ بَيْنَ – أَعْنِي بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَبَيْنَ الْحَرْفِ الَّذِي مِنْهُ حَرَكَتُهَا – فَتَقُولُ فِي سَأَلَ سَأَلَ، وَفِي رَؤُفَ رَؤُفَ، وَفِي بِئْسَ بِئْسَ، وَهَذَا فِي الْخَطِّ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا تَحْكُمُهُ بِالْمُشَافَهَةِ.

قَالَ: وَكَانَ غَيْرُ الْخَلِيلِ يَقُولُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: ” فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ” أَنْ تُخَفَّفَ الْأُولَى.

قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُونَ: (فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا)، يُحَقِّقُونَ الثَّانِيَةَ وَيُخَفِّفُونَ الْأُولَى. قَاْلَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ.

قَالَ: وَأَمَّا الْخَلِيلُ، فَإِنَّهُ يَقْرَأُ بِتَحْقِيقِ الْأُولَى وَتَخْفِيفِ الثَّانِيَةِ.

قَالَ: وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ تَخْفِيفَ الثَّانِيَةِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى بَدَلِ الثَّانِيَةِ فِي قَوْلِهِمْ: آدَمُ وَآخَرُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي آدَمَ ” أَأْدَمُ “، وَفِي آخَرَ ” أَأْخَرُ “.
قَالَ الزَّجَّاجُ: وَقَوْلُ الْخَلِيلِ أَقْيَسُ، وَقَوْلُ أَبِي عَمْرٍو جَيِّدٌ أَيْضًا.

وَأَمَّا الْهَمْزَتَانِ إِذَا ڪَانَتَا مَكْسُورَتَيْنِ، نَحْوَ قَوْلِهِ: عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرْدَنْ تَحَصُّنًا، وَإِذَا ڪَانَتَا مَضْمُومَتَيْنِ نَحْوَ قَوْلِهِ: أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فَإِنَّ أَبَا عَمْرٍو يُخَفِّفُ الْهَمْزَةَ الْأُولَى مِنْهُمَا، فَيَقُولُ: عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ، (وَأَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ)، فَيَجْعَلُ الْهَمْزَةَ الْأُولَى فِي الْبِغَاءِ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ وَيَكْسِرُهَا، وَيَجْعَلُ الْهَمْزَةَ فِي قَوْلِهِ: أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ الْأُولَى بَيْنَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ وَيَضُمُّهَا.

قَالَ: وَجُمْلَةُ مَا قَالَهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ؛ أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الْخَلِيلِ، أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ هَمْزَةً بَيْنَ بَيْنَ، فَإِذَا ڪَانَ مَضْمُومًا جَعَلَ الْهَمْزَةَ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ. قَالَ: أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ، (عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ).

وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَيَقْرَأُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَأَمَّا ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ فَإِنَّهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ، وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْهَمْزَتَيْنِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ڪَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا فَأَكْثَرُ الْقُرَّاءِ عَلَى تَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ، وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو فَإِنَّهُ يُحَقِّقُ الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ فِي رِوَايَةِ سِيبَوَيْهِ، وَيُخَفِّفُ الْأُولَى فَيَجْعَلُهَا بَيْنَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ، فَيَقُولُ: السُّفَهَاءُ أَلَا، وَيَقْرَأُ (مَنْ في السَّمَاءِ أَنْ) فَيُحَقِّقُ الثَّانِيَةَ، وَأَمَّا سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلُ فَيَقُولَانِ: (السُّفَهَاءُ وَلَا) يَجْعَلَانِ الْهَمْزَةَ الثَّانِيَةَ وَاوًا خَالِصَةً. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ يَنْ) يَاءً خَالِصَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ عَنِ الْعَرَبِ فِي تَحْقِيقِ الْهَمْزِ وَتَلْيِينِهِ وَتَحْوِيلِهِ وَحَذْفِهِ، قَاْلَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ: الْهَمْزُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: التَّحْقِيقُ وَالتَّخْفِيفُ وَالتَّحْوِيلُ. فَالتَّحْقِيقُ مِنْهُ أَنْ تُعْطَى الْهَمْزَةُ حَقَّهَا مِنَ الْإِشْبَاعِ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ إِشْبَاعَ الْهَمْزَةِ، فَاجْعَلِ الْعَيْنَ فِي مَوْضِعِهَا، ڪَقَوْلِكَ مِنَ الْخَبْءِ: قَدْ خَبَأْتُ لَكَ بِوَزْنِ خَبَعْتُ لَكَ، وَقَرَأْتُ بِوَزْنِ قَرَعْتُ، فَأَنَا أَخْبَغُ وَأَقْرَعُ، وَأَنَا خَابِعٌ وَخَابِئٌ وَقَارِئٌ نَحْوَ قَارِعٍ، بَعْدَ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ بِالْعَيْنِ، ڪَمَا وَصَفْتُ لَكَ. قَالَ: وَالتَّخْفِيفُ مِنَ الْهَمْزِ إِنَّمَا سَمَّوْهُ تَخْفِيفًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطَ حَقَّهُ مِنَ الْإِعْرَابِ وَالْإِشْبَاعِ، وَهُوَ مُشْرَبٌ هَمْزًا، تُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْعَرَبِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْحُرُوفِ الَّتِي تُحَرَّكُ، ڪَقَوْلِكَ: خَبَاتُ وَقَرَاتُ، فَجَعَلَ الْهَمْزَةَ أَلِفًا سَاكِنَةً عَلَى سُكُونِهَا فِي التَّحْقِيقِ، إِذَا ڪَانَ مَا قَبْلَهَا مَفْتُوحًا، وَهِيَ ڪَسَائِرِ الْحُرُوفِ الَّتِي يَدْخُلُهَا التَّحْرِيكُ، ڪَقَوْلِكَ: لَمْ يَخْبَإِ الرَّجُلُ، وَلَمْ يَقْرَإِ الْقُرْآنَ، فَكَسَرَ الْأَلِفَ مِنْ ” يَخْبَإِ ” وَ ” يَقْرَإِ ” لِسُكُونِ مَا بَعْدَهَا، فَكَأَنَّكَ قُلْتَ لَمْ يَخْبَيَرَّ جُلُ وَلَمْ يَقْرَ يِلْقُرْآنَ، وَهُوَ يَخْبُو وَيَقْرُو، فَيَجْعَلُهَا وَاوًا مَضْمُومَةً فِي الْأَدْرَاجِ، فَإِنْ وَقَفْتَهَا جَعَلْتَهَا أَلِفًا غَيْرَ أَنَّكَ تُهَيِّئُهَا لِلضَّمَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُظْهِرَ ضَمَّتَهَا فَتَقُولُ: مَا أَخْبَأَهُ وَأَقْرَأَهُ، فَتُحَرِّكَ الْأَلِفَ بِفَتْحٍ لِبَقِيَّةِ مَا فِيهَا مِنَ الْهَمْزَةِ ڪَمَا وَصَفْتُ لَكَ، وَأَمَّا التَّحْوِيلُ مِنَ الْهَمْزِ، فَإِنْ تَحَوَّلَ الْهَمْزُ إِلَى الْيَاءِ وَالْوَاوِ، ڪَقَوْلِكَ: قَدْ خَبَيْتُ الْمَتَاعَ فَهُوَ مَخْبِيٌّ، فَهُوَ يَخْبَاهُ، فَاعْلَمْ، فَيَجْعَلُ الْيَاءَ أَلِفًا حَيْثُ ڪَانَ قَبْلَهَا فَتْحَةٌ نَحْوَ أَلِفِ يَسْعَى وَيَخْشَى؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مَفْتُوحٌ.

قَالَ: وَتَقُولُ رَفَوْتُ الثَّوْبَ رَفْوًا، فَحُوِّلَتِ الْهَمْزَةُ وَاوًا ڪَمَا تَرَى، وَتَقُولُ: لَمْ يَخْبُ عَنِّي شَيْئًا. فَتُسْقِطُ مَوْضِعَ اللَّامِ مِنْ نَظِيرِهَا مِنَ الْفِعْلِ لِلْإِعْرَابِ، وَتَدَعُ مَا بَقِيَ عَلَى حَالِهِ مُتَحَرِّكًا، وَتَقُولُ: مَا أَخْبَاهُ. فَتُسَكِّنُ الْأَلِفَ الْمُحَوَّلَةَ ڪَمَا أَسْكَنْتَ الْأَلِفَ مِنْ قَوْلِكَ: مَا أَخْشَاهُ وَأَسْعَاهُ.

قَالَ: وَمِنْ مُحَقِّقِ الْهَمْزِ قَوْلُكَ لِلرَّجُلِ: يَلْؤُمُ. ڪَأَنَّكَ قُلْتَ: يَلْعُمُ، إِذَا ڪَانَ بَخِيلًا، وَأَسَدٌ يَزْئَرُ ڪَقَوْلِكَ يَزْعَرُ، فَإِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيفَ قُلْتَ لِلرَّجُلِ: يَلُمُ. وَلِلْأَسَدِ: يَزِرُ. عَلَى أَنْ أَلْقَيْتَ الْهَمْزَةَ مِنْ قَوْلِكَ يَلْؤُمُ وَيَزْئِرُ، وَحَرَّكْتَ مَا قَبْلَهَا بِحَرَكَتِهَا عَلَى الضَّمِّ وَالْكَسْرِ، إِذَا ڪَانَ مَا قَبْلَهَا سَاكِنًا؛ فَإِذَا أَرَدْتَ تَحْوِيلَ الْهَمْزَةِ مِنْهَا قُلْتَ لِلرَّجُلِ يَلُومُ فَجَعَلْتَهَا وَاوًا سَاكِنَةً؛ لِأَنَّهَا تَبِعَتْ ضَمَّةً، وَالْأَسَدُ يَزِيرُ فَجَعَلْتَهَا يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا نَحْوَ: يَبِيعُ وَيَخِيطُ؛ وَكَذَلِكَ ڪُلُّ هَمْزَةٍ تَبِعَتْ حَرْفًا سَاكِنًا عَدَلَتْهَا إِلَى التَّخْفِيفِ، فَإِنَّكَ تُلْقِيهَا وَتُحَرِّكُ بِحَرَكَتِهَا الْحَرْفَ السَّاكِنَ قَبْلَهَا، ڪَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ: سَلْ، فَتَحْذِفُ الْهَمْزَةَ وَتُحَرِّكُ مَوْضِعَ الْفَاءِ مِنْ نَظِيرِهَا مِنَ الْفِعْلِ بِحَرَكَتِهَا، وَأَسْقَطْتَ أَلِفَ الْوَصْلِ؛ إِذْ تَحَرَّكَ مَا بَعْدَهَا، وَإِنِّمَا يَجْتَلِبُونَهَا لِلْإِسْكَانِ، فَإِذَا تَحَرَّكَ مَا بَعْدَهَا لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَيْهَا. وَقَالَ رُؤْبَةُ:

وَأَنْتَ يَا بَا مُسْلِمٍ وَفَيْتَا

تَرَكَ الْهَمْزَةَ، وَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ؛ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ وَهِيَ أَصْلِيَّةٌ، ڪَمَا قَالُوا لَا أَبَ لَكَ، وَلَا ابَا لَكَ، وَلَا بَا لَكَ، وَلَابَ لِغَيْرِكَ، وَلَا بَا لِشَانِئِكَ.

وَمِنْهَا نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْمُحَقِّقِ، وَهُوَ قَوْلُكَ مِنْ رَأَيْتُ، وَأَنْتَ تَأْمُرُ: إِرْأَ، ڪَقَوْلِكَ: إِرْعَ زَيْدًا، فَإِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيفَ قُلْتَ: رَ زَيْدًا، فَتُسْقِطُ أَلِفَ الْوَصْلِ لِتُحَرِّكَ مَا بَعْدَهَا.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَسَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: يَا فُلَانُ نُويَكَ؛ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَتَحْقِيقُهُ نُؤْيَكَ، ڪَقَوْلِكَ إِبْغِ بَغْيَكَ، إِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ نَحْوَ خِبَائِهِ نُؤْيًا ڪَالطَّوْقِ يَصْرِفُ عَنْهُ مَاءَ الْمَطَرِ.

قَالَ: وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ: رَأَيْتُ الرَّجُلَ، فَإِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيفَ قُلْتَ: رَايْتُ، فَحَرَّكْتَ الْأَلِفَ بِغَيْرِ إِشْبَاعِ هَمْزٍ، وَلَمْ تُسْقِطِ الْهَمْزَةَ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مُتَحَرِّكٌ، وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: تَرَأَّى ذَلِكَ عَلَى التَّحْقِيقِ.

 وَعَامَّةُ ڪَلَامِ الْعَرَبِ فِي يَرَى وَتَرَى وَارَى وَنَرَى؛ عَلَى التَّخْفِيفِ، لَمْ تَزِدْ عَلَى أَنْ أَلْقَتِ الْهَمْزَةَ مِنَ الْكَلِمَةِ، وَجَعَلَتْ حَرَكَتَهَا بِالضَّمِّ عَلَى الْحَرْفِ السَّاكِنِ قَبْلَهَا.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَاعْلَمْ أَنَّ وَاوَ فَعُولٍ وَمَفْعُولٍ، وَيَاءَ فَعِيلٍ، وَيَاءَ التَّصْغِيرِ لَا يَعْتَقِبْنَ الْهَمْزَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ طُوِّلَتْ بِهَا، ڪَقَوْلِكَ فِي التَّحْقِيقِ: هَذِهِ خَطِيئَةٌ، ڪَقَوْلِكَ خَطِيعَةٌ، فَإِذَا أَبْدَلْتَهَا إِلَى التَّخْفِيفِ قُلْتَ: هَذِهِ خَطِيَّةٌ، جَعَلْتَ حَرَكَتَهَا يَاءً لِلْكَسْرَةِ؛ وَتَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ خَبُوءٌ، ڪَقَوْلِكَ خُبُوعٌ، فَإِذَا خَفَّفْتَ قُلْتَ: رَجُلٌ خُبُوٌ، فَتَجْعَلُ الْهَمْزَةَ وَاوًا لِلضَّمَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَجَعَلْتَهَا حَرْفًا ثَقِيلًا فِي وَزْنِ حَرْفَيْنِ مَعَ الْوَاوِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَتَقُولُ: هَذَا مَتَاعٌ مَخْبُوءٌ بِوَزْنِ مَخْبُوعٍ، فَإِذَا خُفِّفَتْ. قُلْتَ: مَتَاعٌ مَخْبُوٌّ، فَحُوِّلَتِ الْهَمْزَةُ وَاوًا لِلضَّمَّةِ قَبْلَهَا.

قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُدْغِمُ الْوَاوَ فِي الْوَاوِ وَيُشَدِّدُهَا، فَيَقُولُ: مَخْبُوٌّ. قَادَ أَبُو زَيْدٍ: تَقُولُ رَجُلٌ بَرَاءٌ مِنَ الشِّرْكِ، ڪَقَوْلِكَ: بَرَاعٌ، فَإِذَا عَدَلْتَهَا إِلَى التَّخْفِيفِ قُلْتَ: بَرَاوٍ، فَتَصِيرُ الْهَمْزَةُ وَاوًا لِأَنَّهَا مَضْمُومَةٌ، وَتَقُولُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ بَرَايٍ، فَتَصِيرُ يَاءً عَلَى الْكَسْرَةِ، وَرَأَيْتُ رَجُلًا بَرَايَا، فَتَصِيرُ أَلِفًا؛ لِأَنَّهَا مَفْتُوحَةٌ. وَمِنْ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ قَوْلُهُمْ: هَذَا غِطَاءٌ وَكِسَاءٌ وَخِبَاءٌ، فَتَهْمِزُ مَوْضِعَ اللَّامِ مِنْ نَظِيرِهَا مِنَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهَا غَايَةٌ، وَقَبْلَهَا أَلِفٌ سَاكِنَةٌ، ڪَقَوْلِهِمْ: هَذَا غِطَاعٌ وَكِسَاعٌ وَخِبَاعٌ، فَالْعَيْنُ مَوْضِعُ الْهَمْزَةِ، فَإِذَا جَمَعْتَ الِاثْنَيْنِ عَلَى سُنَّةِ الْوَاحِدِ فِي التَّحْقِيقِ، قُلْتَ: هَذَانِ غِطَاآنِ وَكِسَاآنِ وَخِبَاآنِ، ڪَقَوْلِكَ: غِطَاعَانِ وَكِسَاعَانِ وَخِبَاعَانِ، فَتَهْمِزُ الِاثْنَيْنِ عَلَى سُنَّةِ الْوَاحِدِ؛ وَإِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيفَ قُلْتَ: هَذَا غِطَاوٌ وَكِسَاوٌ وَخِبَاوٌ، فَتَجْعَلُ الْهَمْزَةَ وَاوًا؛ لِأَنَّهَا مَضْمُومَةٌ؛ وَإِنْ جَمَعْتَ الِاثْنَيْنِ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى سُنَّةِ الْوَاحِدِ قُلْتَ: هَذَانِ غِطَاأَنِ وَكِسَاأَنِ وَخِبَاأَنِ، فَتُحَرِّكَ الْأَلِفَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ اللَّامِ مِنْ نَظِيرِهَا مِنَ الْفِعْلِ، بِغَيْرِ إِشْبَاعٍ؛ لِأَنَّ فِيهَا بَقِيَّةً مِنَ الْهَمْزَةِ، وَقَبْلَهَا أَلِفٌ سَاكِنَةٌ، فَإِذَا أَرَدْتَ تَحْوِيلَ الْهَمْزَةِ قُلْتَ: هَذَا غِطَاوٌ وَكِسَاوٌ؛ لِأَنَّ قَبْلَهَا حَرْفًا سَاكِنًا وَهِيَ مَضْمُومَةٌ؛ وَكَذَلِكَ الْفَضَاءُ: هَذَا فَضَاوٍ، عَلَى التَّحْوِيلِ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الْوَاوِ هَاهُنَا أَخَفُّ مِنْ ظُهُورِ الْيَاءِ، وَتَقُولُ فِي الِاثْنَيْنِ إِذَا جَمَعْتَهُمَا عَلَى سُنَّةِ تَحْوِيلِ الْوَاوِ: هُمَا غِطَاوَانِ وَكِسَاوَانِ وَخِبَاوَانِ وَفِضَاوَانِ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ بَنِي فَزَارَةَ يَقُولُ: هُمَا ڪِسَايَانِ وَخِبَايَانِ وَفِضَايَانِ، فَيُحَوِّلُ الْوَاوَ إِلَى الْيَاءِ. قَالَ: وَالْوَاوُ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ أَكْثَرُ فِي الْكَلَامِ.

قَالَ: وَمِنْ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ قَوْلُكَ: يَا زَيْدُ مَنْ أَنْتَ، ڪَقَوْلِكَ مَنْ عَنَتْ، فَإِذَا عَدَلْتَ الْهَمْزَةَ إِلَى التَّخْفِيفِ قُلْتَ: يَا زَيْدُ مَنَ نْتَ، ڪَأَنَّكَ قُلْتَ: مَنَنْتَ؛ لِأَنَّكَ أَسْقَطْتَ الْهَمْزَةَ مِنْ ” أَنْتَ ” وَحَرَّكْتَ مَا قَبْلَهَا بِحَرَكَتِهَا، وَلَمْ يَدْخُلْهُ إِدْغَامٌ؛ لِأَنَّ النُّونَ الْأَخِيرَةَ سَاكِنَةٌ وَالْأُولَى مُتَحَرِّكَةٌ؛ وَتَقُولُ: مَنْ أَنَا، ڪَقَوْلِكَ: مَنْ عَنَا عَلَى التَّحْقِيقِ، فَإِذَا أَرَدْتَ التَّخْفِيفَ قُلْتَ: يَا زَيْدُ مَنْ نَا، ڪَأَنَّكَ قُلْتَ: يَا زَيْدُ مَنَّا، أَدْخَلْتَ النُّونَ الْأُولَى فِي الْآخِرَةِ، وَجَعَلْتَهُمَا حَرْفًا وَاحِدًا ثَقِيلًا فِي وَزْنِ حَرْفَيْنِ، لِأَنَّهُمَا مُتَحَرِّكَانِ فِي حَالِ التَّخْفِيفِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي خَفَّفُوا الْهَمْزَةَ مِنْ ” لَكِنَّ أَنَا ” فَصَارَتْ ” لَكِنْ نَا “، ڪَقَوْلِكَ: لَكِنَنَا، ثُمَّ أَسْكَنُوا بَعْدَ التَّخْفِيفِ فَقَالُوا: لَكِنَّا.

قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا مِنْ قَيْسٍ يَقُولُ: يَا أَبَ أَقْبِلْ، وَيَابَ أَقْبِلْ، وَيَا أَبَةَ أَقْبِلْ، وَيَابَةَ أَقْبِلْ، فَأَلْقَى الْهَمْزَةَ مِنْ…

وَمِنْ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ قَوْلُكَ: إِفْعَوْعَلْتُ مِنْ ” وَأَيْتُ “: إِيأَوْأَيْتُ، ڪَقَوْلِكَ: إِفْعَوْعَيْتُ، فَإِذَا عَدَلْتَهُ عَلَى التَّخْفِيفِ قُلْتَ: ايِوَيْتُ وَحْدَهَا، وَوَيْتُ، وَالْأُولَى مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِ الْفَاءِ مِنَ الْفِعْلِ وَهِيَ سَاكِنَةٌ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ الزَّائِدَةُ فَحَرَّكْتَهَا بِحَرَكَةِ الْهَمْزَتَيْنِ قَبْلَهَا.

وَثَقُلَ ظُهُورُ الْوَاوَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ، فَهَمَزُوا الْأُولَى مِنْهُمَا، وَلَوْ ڪَانَتِ الْوَاوُ الْأُولَى وَاوَ عَطْفٍ لَمْ يَثْقُلْ ظُهُورُهُمَا فِي الْكَلَامِ، ڪَقَوْلِكَ: ذَهَبَ زَيْدٌ وَوَافِدٌ، وَقَدِمَ عَمْرٌو وَوَاهِبٌ.

قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ تَحْقِيقَ ” مُفْعَوْعِلٍ ” مِنْ ” وَأَيْتُ “. قُلْتَ: مُوأَوْئِي، ڪَقَوْلِكَ: مُوعَوْعِي، فَإِذَا عَدَلْتَ إِلَى التَّخْفِيفِ قُلْتَ: مُوَاوِي، فَتُفْتَحُ الْوَاوُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ الْفَاءِ بِفَتْحَةِ الْهَمْزَةِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ الْعَيْنِ مِنَ الْفِعْلِ، وَتُكْسَرُ الْوَاوُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ الثَّابِتَةُ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ الَّتِي بَعْدَهَا.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ بَنِي عَجْلَانَ مِنْ قَيْسٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ غُلَامِيَّبِيكَ، وَرَأَيْتُ غُلَامِيَّسَدَ، تُحَوَّلُ الْهَمْزَةُ الَّتِي فِي أَسَدٍ وَفِي أَبِيكَ إِلَى الْيَاءِ، وَيُدْخِلُونَهَا فِي الْيَاءِ الَّتِي فِي الْغُلَامَيْنِ، الَّتِي هِيَ نَفْسُ الْإِعْرَابِ، فَيَظْهَرُ يَاءٌ ثَقِيلَةٌ فِي وَزْنِ حَرْفَيْنِ، ڪَأَنَّكَ قُلْتَ رَأَيْتُ غُلَامِيَّبِيكَ وَرَأَيْتُ غُلَامِيَّسَدَ.

قَالَ وَسَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي ڪَلْبٍ يَقُولُ: هَذِهِ دَأْبَةٌ، وَهَذِهِ امْرَأَةٌ شَأْبَةٌ، فَهَمَزَ الْأَلِفَ فِيهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَقُلَ عَلَيْهِ إِسْكَانُ الْحَرْفَيْنِ مَعًا، وَإِنْ ڪَانَ الْحَرْفُ الْآخِرُ مِنْهُمَا مُتَحَرِّكًا. وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:

يَا عَجَبًا لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَبَا     حِمَارَ قَبَّانٍ يَسُوقُ أَرْنَبَا
وَأَمَّهَا خَاطِمُهَا أَنْ تَذْهَبَا

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أَهْلُ الْحِجَازِ وَهُذَيْلٌ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَا يَنْبَرُونَ. وَقَفَ عَلَيْهَا عِيسَى بْنُ عُمَرَ فَقَالَ: مَا آخُذُ مِنْ قَوْلِ تَمِيمٍ إِلَّا بِالنَّبْرِ وَهُمْ أَصْحَابُ النَّبْرِ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ إِذَا اضْطُرُّوا نَبَرُوا. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الْهُذَلِيُّ: قَدْ تَوَضَيْتُ، فَلَمْ يَهْمِزْ وَحَوَّلَهَا يَاءً، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ بَابِ الْهَمْزِ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

معنى حرف الهمزة – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي


العودة إلى معجم لسان العرب حسب الحروف – قاموس عربي عربي

اترك تعليقاً