معنى كلمة بعد – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي

معنى كلمة بعد – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي


بعد: الْبُعْدُ: خِلَافُ الْقُرْبِ. بَعُدَ الرَّجُلُ، بِالضَّمِّ، وَبَعِدَ بِالْكَسْرِ، بُعْدًا وَبَعَدًا، فَهُوَ بِعِيدٌ وَبُعَادٌ، عَنْ سِيبَوَيْهِ، أَيْ تَبَاعَدَ، وَجَمَعَهُمَا بُعَدَاءُ، وَافَقَ الَّذِينَ يَقُولُونَ فَعِيلٌ الَّذِي يَقُولُونَ فُعَالٌ; لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ، وَقَدْ قِيلَ: بُعُدٌ، وَيُنْشِدُ قَوْلَ النَّابِغَةِ:
فَتِلْكَ تُبْلِغُنِي النُّعْمَانَ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى النَّاسِ، فِي الْأَدْنَى وَفِي الْبُعُدِ
.
وَفِي الصِّحَاحِ: وَفِي الْبَعَدِ، بِالتَّحْرِيكِ، جَمْعُ بَاعِدٍ مِثْلَ خَادِمٍ وَخَدَمٍ، وَأَبْعَدَهُ غَيْرُهُ وَبَاعَدَهُ وَبَعَّدَهُ تَبْعِيدًا، وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

قَعَدْتُ لَهُ وَصُحْبَتِي بَيْنَ ضَارِجٍ     وَبَيْنَ الْعُذَيْبِ بُعْدَ مَا مُتَأَمَّلِ.

إِنَّمَا أَرَادَ: يَا بُعْدَ مُتَأَمَّلٍ، يَتَأَسَّفُ بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَبِي الْعِيالِ:

….. رَزِيَّةَ قَوْمِهِ     لَمْ يَأْخُذُوا ثَمَنًا وَلَمْ يَهَبُوا.

أَرَادَ: يَا رَزِيَّةَ قَوْمِهِ، ثُمَّ فَسَّرَ الرَّزِيَّةَ مَا هِيَ فَقَالَ: لَمْ يَأْخُذُوا ثَمَنًا وَلَمْ يَهَبُوا. وَقِيلَ: أَرَادَ بَعُدَ مُتَأَمَّلِي. وَقَوْلُهُ – عَزَّ وَجَلَّ – فِي سُورَةِ السَّجْدَةِ: أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ; قَاْلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلُوا الرَّدَّ حِينَ لَا رَدَّ، وَقِيلَ: مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، مِنَ الْآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَرَادَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ يَبْعُدُ عَنْهَا مَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ; لِأَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَعُوا فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ ڪَانَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ; قَاْلَ قَوْلُهُمْ: سَاحِرٌ ڪَاهِنٌ شَاعِرٌ. وَتَقُولُ: هَذِهِ الْقَرْيَةُ بَعِيدٌ وَهَذِهِ الْقَرْيَةُ قَرِيبٌ لَا يُرَادُ بِهِ النَّعْتُ وَلَكِنْ يُرَادُ بِهِمَا الِاسْمُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمَا اسْمَانِ قَوْلُكَ: قَرِيبُهُ قَرِيبٌ وَبَعِيدُهُ بَعِيدٌ، قَاْلَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ إِذَا قَالَتْ دَارُكَ مِنَّا بَعِيدٌ أَوْ قَرِيبٌ، أَوْ قَالُوا فُلَانَةٌ مِنَّا قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ ذَكَّرُوا الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ; لِأَنَّ الْمَعْنَى هِيَ فِي مَكَانٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ، فَجَعَلَ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ خَلَفًا مِنَ الْمَكَانِ، قَاْلَ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ; وَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا; وَقَالَ: إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ; قَالَ: وَلَوْ أُنِّثَتَا وَثُنِّيَتَا عَلَى بَعُدَتْ مِنْكَ فَهِيَ بَعِيدَةٌ وَقَرَبَتْ فَهِيَ قَرِيبَةٌ ڪَانَ صَوَابًا. قَالَ: وَمَنْ قَاْلَ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَذَكَّرَهُمَا لَمْ يُثَنِّ قَرِيبًا وَبَعِيدًا، فَقَالَ: هُمَا مِنْكَ قَرِيبٌ وَهُمَا مِنْكَ بِعِيدُ; قَالَ: وَمَنْ أَنَّثَهُمَا فَقَالَ: هِيَ مِنْكَ قَرِيبَةٌ وَبَعِيدَةٌ ثَنَّى وَجَمَعَ، فَقَالَ: قَرِيبَاتٌ وَبَعِيدَاتٌ; وَأَنْشَدَ:

عَشِيَّةَ لَا عَفْرَاءُ مِنْكَ قَرِيبَةٌ     فَتَدْنُو، وَلَا عَفْرَاءُ مِنْكَ بَعِيدُ.

وَمَا أَنْتَ مِنَّا بِبَعِيدٍ، وَمَا أَنْتُمْ مِنَّا بِبَعِيدٍ، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ، وَكَذَلِكَ مَا أَنْتَ مِنَّا بِبَعَدٍ وَمَا أَنْتُمْ مِنَّا بِبَعَدٍ أَيْ بَعِيدٌ. قَالَ: وَإِذَا أَرَدْتَ بِالْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ قَرَابَةَ النَّسَبِ أُنِّثَتْ لَا غَيْرَ، لَمْ تَخْتَلِفِ الْعَرَبُ فِيهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِ اللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ; إِنَّمَا قِيلَ قَرِيبٌ; لِأَنَّ الرَّحْمَةَ وَالْغُفْرَانَ وَالْعَفْوَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ ڪُلُّ تَأْنِيثٍ لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ، قَاْلَ وَقَالَ الْأَخْفَشُ: جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ الرَّحْمَةُ هَا هُنَا بِمَعْنَى الْمَطَرِ، قَاْلَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي الْفَرَّاءَ هَذَا ذُكِّرَ لِيَفْصِلَ بَيْنَ الْقَرِيبِ مِنَ الْقُرْبِ وَالْقَرِيبِ مِنَ الْقَرَابَةِ; قَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ، ڪُلُّ مَا قَرُبَ فِي مَكَانٍ أَوْ نَسَبٍ فَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا يُصِيبُهُ مِنَ التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ، وَبَيْنَنَا بُعْدَةٌ مِنَ الْأَرْضِ وَالْقَرَابَةِ، قَاْلَ الْأَعْشَى:

بِأَنْ لَا تُبَغِّ الْوُدَّ مِنْ مُتَبَاعِدٍ     وَلَا تَنْأَ مِنْ ذِي بُعْدَةٍ إِنْ تَقَرَّبَا.

وَفِي الدُّعَاءِ: بُعْدًا لَهُ! نَصَبُوهُ عَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ إِظْهَارُهُ أَيْ أَبْعَدَهُ اللَّهُ. وَبُعْدٌ بَاعَدٌ: عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَإِنْ دَعَوْتَ بِهِ فَالْمُخْتَارُ النَّصْبُ، وَقَوْلُهُ:

مَدًّا بِأَعْنَاقِ الْمَطِيِّ مَدَّا     حَتَّى تُوَافِيَ الْمَوْسِمَ الْأَبْعَدَّا.

فَإِنَّهُ أَرَادَ الْأَبْعَدَ فَوَقَفَ فَشَدَّدَ، ثُمَّ أَجْرَاهُ فِي الْوَصْلِ مَجْرَاهُ فِي الْوَقْفِ، وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ فِي الشِّعْرِ، ڪَقَوْلِهِ:

ضَخْمًا يُحِبُّ الْخُلُقَ الْأَضْخَمَّا.

وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ هُوَ أَبْعَدُ وَأَبْعَدُونَ وَأَقْرَبُ وَأَقْرَبُونَ وَأَبَاعِدُ وَأَقَارِبُ، وَأَنْشَدَ:

مِنَ النَّاسِ مَنْ يَغْشَى الْأَبَاعِدَ نَفْعُهُ     وَيَشْقَى بِهِ، حَتَّى الْمَمَاتِ، أَقَارِبُهْ
فَإِنْ يَكُ خَيْرًا، فَالْبَعِيدُ يَنَالُهُ     وَإِنْ يَكُ شَرًّا، فَابْنُ عَمِّكَ صَاحِبُهْ.

وَالْبُعْدَانُ، جَمْعُ بَعِيدٍ، مِثْلَ رَغِيفٍ وَرُغْفَانٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مِنْ قُرْبَانِ الْأَمِيرِ وَمِنْ بُعْدَانِهِ، قَاْلَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ قُرْبَانِ الْأَمِيرِ فَكُنْ مِنْ بُعْدَانِهِ، يَقُولُ: إِذَا لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ يَقْتَرِبُ مِنْهُ فَتَبَاعَدْ عَنْهُ لَا يُصِيبُكَ شَرُّهُ. وَفِي حَدِيثِ مُهَاجِرِي الْحَبَشَةِ: وَجِئْنَا إِلَى أَرْضِ الْبُعَدَاءِ، قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هُمُ الْأَجَانِبُ الَّذِينَ لَا قُرَابَةَ بَيْنِنَا وَبَيْنَهُمْ، وَاحِدُهُمْ بَعِيدٌ. وَقَالَ النَّضِرُ فِي قَوْلِهِمْ هَلَكَ الْأَبْعَدُ قَالَ: يَعْنِي صَاحِبَهُ، وَهَكَذَا يُقَالُ إِذَا ڪَنَّى عَنِ اسْمِهِ. وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: هَلَكَتِ الْبُعْدَى، قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ: فَلَا مَرْحَبًا بِالْآخَرِ إِذَا ڪَنَّى عَنْ صَاحِبِهِ وَهُوَ يَذُمُّهُ. وَقَالَ: أَبْعَدَ اللَّهُ الْآخِرَ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلْأُنْثَى مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَوْلُهُمْ: ڪَبَّ اللَّهُ الْأَبْعَدَ لِفِيهِ أَيْ أَلْقَاهُ لِوَجْهِهِ، وَالْأَبْعَدُ: الْخَائِنُ. وَالْأَبَاعِدُ: خِلَافُ الْأَقَارِبِ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ مِنْكَ وَغَيْرُ بَعَدٍ. وَبَاعَدَهُ مُبَاعَدَةً وَبِعَادًا وَبَاعَدَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا وَبَعَّدَ، وَيُقْرَأُ: رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا، وَبَعِّدْ، قَاْلَ الطِّرِمَّاحُ:

تُبَاعِدُ مِنَّا مَنْ نُحِّبُّ اجْتِمَاعَهُ     وَتَجْمَعُ مِنَّا بَيْنَ أَهْلِ الضَّغَائِنِ.

وَرَجُلٌ مِبْعَدٌ: بَعِيدُ الْأَسْفَارِ، قَاْلَ ڪُثَيِّرُ عَزَّةَ:

مُنَاقِلَةً عُرْضَ الْفَيَافِي شِمِلَّةً     مَطِيَّةَ قَذَّافٍ عَلَى الْهَوْلِ مِبْعَدِ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ – مُخْبِرًا عَنْ قَوْمِ سَبَإٍ: رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا; قَالَ: قَرَأَهُ الْعَوَّامُ بَاعِدْ، وَيُقْرَأُ عَلَى الْخَبَرِ: رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا، وَبَعَّدَ. وَبَعِّدْ جُزِمٌ، وَقُرِئَ: رَبَّنَا بَعُدَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَبَيْنَ أَسْفَارِنَا، قَاْلَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قَرَأَ بَاعِدْ وَبَعِّدْ فَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ عَلَى جِهَةِ الْمَسْأَلَةِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ سَئِمُوا الرَّاحَةَ وَبَطَرُوا النِّعْمَةَ، ڪَمَا قَاْلَ قَوْمُ مُوسَى: فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ (الْآيَةَ)، وَمَنْ قَرَأَ: بَعُدَ بَيْنُ أَسْفَارِنَا، فَالْمَعْنَى مَا يَتَّصِلْ بِسَفَرِنَا، وَمَنْ قَرَأَ بِالنَّصْبِ: بَعُدَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا، فَالْمَعْنَى بَعُدَ مَا بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَبَعُدَ سَيْرُنَا بَيْنَ أَسْفَارِنَا، قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ ڪَثِيرٍ: بَعِّدْ، بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: رَبُّنَا بَاعَدَ، بِالنَّصْبِ عَلَى الْخَبَرِ، وَقَرَأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ وَحَمْزَةُ: بَاعِدْ، بِالْأَلِفِ، عَلَى الدُّعَاءِ، قَاْلَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا بُعْدَكَ يُحَذِّرُهُ شَيْئًا مِنْ خَلْفِهِ. وَبَعِدَ بَعَدًا وَبَعُدَ: هَلَكَ أَوِ اغْتَرَبَ، فَهُوَ بَاعَدَ. وَالْبُعْدُ: الْهَلَاكُ قَاْلَ – تَعَالَى -: أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ ڪَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْبِ الْمَازِنِيُّ:

يَقُولُونَ لَا تَبْعُدْ، وَهُمْ يَدْفِنُونَنِي     وَأَيْنَ مَكَانُ الْبُعْدِ إِلَّا مَكَانِيَا؟

وَهُوَ مِنَ الْبُعْدِ. وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَالنَّاسُ: ڪَمَا بَعِدَتْ، وَكَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ يَقْرَؤُهَا بَعُدَتْ، يَجْعَلُ الْهَلَاكَ وَالْبُعْدَ سَوَاءٌ وَهُمَا قَرِيبَانِ مِنَ السَّوَاءِ، إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: بَعُدَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: بَعِدَ مِثْلَ سَحُقَ وَسَحِقَ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ بَعُدَ فِي الْمَكَانِ وَبَعِدَ فِي الْهَلَاكِ، وَقَالَ يُونُسُ: الْعَرَبُ تَقُولُ بَعِدَ الرَّجُلُ: وَبَعُدَ إِذَا تَبَاعَدَ فِي غَيْرِ سَبٍّ، وَيُقَالُ فِي السَّبِّ: بَعِدَ وَسَحِقَ لَا غَيْرَ. وَالْبِعَادُ: الْمُبَاعَدَةُ، قَاْلَ ابْنُ شُمَيْلٍ: رَاوَدَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ أَعْرَابِيَّةً فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهَا شَيْئًا، فَجَعَلَ لَهَا دِرْهَمَيْنِ فَلَمَّا خَالَطَهَا جَعَلَتْ تَقُولُ: غَمْزًا وَدِرْهَمَاكَ لَكَ، فَإِنْ لَمْ تَغْمِزْ فَبُعْدٌ لَكَ، رَفَعَتِ الْبُعْدَ، يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ تَرَاهُ يَعْمَلُ الْعَمَلَ الشَّدِيدَ. وَالْبُعْدُ وَالْبِعَادُ: اللَّعْنُ، مِنْهُ أَيْضًا. وَأَبْعَدَهُ اللَّهُ: نَحَّاهُ عَنِ الْخَيْرِ وَأَبْعَدَهُ. تَقُولُ: أَبَعَدَهُ اللَّهُ أَيْ لَا يُرْثَى لَهُ فِيمَا يَزِلُّ بِهِ، وَكَذَلِكَ بُعْدًا لَهُ وَسُحْقًا! وَنَصَبَ بُعْدًا عَلَى الْمَصْدَرِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ اسْمًا. وَتَمِيمُ تَرْفَعُ فَتَقُولُ: بُعْدٌ لَهُ وَسُحْقٌ، ڪَقَوْلِكَ: غُلَامٌ لَهُ وَفَرَسٌ. وَفِي حَدِيثِ شَهَادَةِ الْأَعْضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكَ وَسُحْقًا أَيْ هَلَاكًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْبُعْدِ ضِدَ الْقُرْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَقَالَ: إِنَّ الْأَبْعَدَ قَدْ زَنَى، مَعْنَاهُ الْمُتَبَاعِدُ عَنِ الْخَيْرِ وَالْعِصْمَةِ. وَجَلَسْتُ بَعِيدَةً مِنْكَ وَبَعِيدًا مِنْكَ، يَعْنِي مَكَانًا  بَعِيدًا، وَرُبَّمَا قَالُوا: هِيَ بَعِيدٌ مِنْكَ أَيْ مَكَانُهَا، وَفِي التَّنْزِيلِ: وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ. وَأَمَّا بَعِيدَةُ الْعَهْدِ، فَبِالْهَاءِ، وَمَنْزِلٌ بَعَدٌ بَعِيدٌ. وَتَنَحَّ غَيْرَ بَعِيدٍ أَيْ ڪُنْ قَرِيبًا، وَغَيْرَ بَاعِدٍ أَيْ صَاغِرٍ. يُقَالُ: انْطَلِقْ يَا فُلَانُ غَيْرُ بَاعِدٍ أَيْ لَا ذَهَبْتَ، الْكِسَائِيُّ. تَنَحَّ غَيْرَ بَاعِدٍ أَيْ غَيْرَ صَاغِرٍ، وَقَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:

فَضْلًا عَلَى النَّاسِ فِي الْأَدْنَى وَفِي الْبُعُدِ.

قَالَ أَبُو نَصْرٍ: فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: فِي الْأَدْنَى وَفِي الْبُعُدِ، قَالَ: بَعِيدٌ وَبُعُدٌ. وَالْبَعَدُ، بِالتَّحْرِيكِ: جَمْعُ بَاعَدَ مِثْلَ خَادِمٍ وَخَدَمَ وَيُقَالُ: إِنَّهُ لِغَيْرِ أَبْعَدَ إِذَا ذَمَّهُ أَيْ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَا لَهُ بُعْدٌ: مَذْهَبٌ، وَقَوْلُ صَخْرِ الْغَيِّ:

الْمُوعِدِينَا فِي أَنْ نُقَتِّلَهُمْ     أَفْنَاءَ فَهْمٍ، وَبَيْنَنَا بُعَدُ.

أَيْ أَنَّ أَفَنَاءَ فَهُمْ ضُرُوبٌ مِنْهُمْ. بُعَدٌ جَمْعُ بُعْدَةٍ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَتَانَا فُلَانٌ مِنْ بُعْدَةٍ أَيْ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَذُو بُعْدَةٍ أَيْ لَذُو رَأْيٍ وَحَزْمٍ. يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذَا ڪَانَ نَافِذَ الرَّأْيِ ذَا غَوْرٍ وَذَا بُعْدِ رَأْيٍ. وَمَا عِنْدَهُ أَبْعَدُ أَيْ طَائِلٌ، قَاْلَ رَجُلٌ لِابْنِهِ: إِنْ غَدَوْتَ عَلَى الْمِرْبَدِ رَبِحْتَ عَنَّا أَوْ رَجَعْتَ بِغَيْرِ أَبْعَدَ أَيْ بِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ. وَذُو الْبُعْدَةِ: الَّذِي يُبْعِدُ فِي الْمُعَادَاةِ، وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ لِرُؤْبَةَ:

يَكْفِيكَ عِنْدَ الشِّدَّةِ الْيَبِيسَا     وَيَعْتَلِي ذَا الْبُعْدَةِ النُّحُوسَا.

وَبَعْدُ: ضِدُّ قَبْلَ يُبْنَى مُفَرَدًا وَيُعْرَبُ مُضَافًا، قَاْلَ اللَّيْثُ: بَعْدَ ڪَلِمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الشَّيْءِ الْأَخِيرِ، تَقُولُ: هَذَا بَعْدَ هَذَا، مَنْصُوبٌ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ مِنْ بَعْدٍ فَيُنْكِرُونَهُ، وَافْعَلْ هَذَا بَعْدًا. قَاْلَ الْجَوْهَرِيُّ: بَعْدَ نَقِيضُ قَبْلَ، وَهُمَا اسْمَانِ يَكُونَانِ ظَرْفَيْنِ إِذَا أُضِيفَا، وَأَصْلُهُمَا الْإِضَافَةُ، فَمَتَى حَذَفْتَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ لِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بَنَيْتَهُمَا عَلَى الضَّمِّ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ إِذْ ڪَانَ الضَّمُّ لَا يَدْخُلُهُمَا إِعْرَابًا، لِأَنَّهُمَا لَا يَصْلُحُ وُقُوعُهُمَا مَوْضِعُ الْفَاعِلِ وَلَا مَوْقِعُ الْمُبْتَدَإِ وَلَا الْخَبَرِ، وَقَوْلُهُ – تَعَالَى -: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، أَيْ مِنْ قَبْلِ الْأَشْيَاءِ وَبَعْدَهَا، أَصْلُهُمَا هُنَا الْخَفْضُ وَلَكِنْ بُنِيَا عَلَى الضَّمِّ لِأَنَّهُمَا غَايَتَانِ، فَإِذَا لَمْ يَكُونَا غَايَةً فَهُمَا نَصْبٌ لِأَنَّهُمَا صِفَةٌ، وَمَعْنَى غَايَةٍ أَيْ أَنَّ الْكَلِمَةَ حُذِفَتْ مِنْهَا الْإِضَافَةُ وَجُعِلَتْ غَايَةُ الْكَلِمَةِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْحَذْفِ وَإِنَّمَا بُنِيَتَا عَلَى الضَّمِّ لِأَنَّ إِعْرَابَهُمَا فِي الْإِضَافَةِ النَّصْبُ وَالْخَفْضُ، تَقُولُ رَأَيْتُهُ قَبْلَكَ وَمِنْ قَبْلِكَ، وَلَا يَرْفَعَانِ لِأَنَّهُمَا لَا يُحَدَّثُ عَنْهُمَا، اسْتُعْمِلَا ظَرْفَيْنِ فَلَمَّا عَدَلَا عَنْ بَابِهِمَا حُرِّكَا بِغَيْرِ الْحَرَكَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ڪَانَتَا لَهُ يَدْخُلَانِ بِحَقِّ الْإِعْرَابِ، فَأَمَّا وُجُوبُ بِنَائِهِمَا وَذَهَابُ إِعْرَابِهِمَا فَلِأَنَّهُمَا عُرِّفَا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ التَّعْرِيفِ، لِأَنَّهُ حَذَفَ مِنْهُمَا مَا أُضِيفَتَا إِلَيْهِ، وَالْمَعْنَى: الْأَمْرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَغْلِبَ الرُّومُ وَمِنْ بَعْدِ مَا غَلَبَتْ. وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: الْقِرَاءَةُ بِالرَّفْعِ بِلَا نُونٍ لِأَنَّهُمَا فِي الْمَعْنَى تُرَادُ بِهِمَا الْإِضَافَةُ إِلَى شَيْءٍ لَا مَحَالَةَ، فَلَمَّا أَدَّتَا غَيْرَ مَعْنَى مَا أُضِيفَتَا إِلَيْهِ وُسِمَتَا بِالرَّفْعِ وَهُمَا فِي مَوْضِعِ جَرٍّ، لِيَكُونَ الرَّفْعُ دَلِيلًا عَلَى مَا سَقَطَ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُمَا، ڪَقَوْلِهِ:

إِنْ يَأْتِ مِنْ تَحْتُ أَجِيهِ مِنْ عَلُ.

وَقَالَ الْآخَرُ:

إِذَا أَنَّا لَمْ أُومَنْ عَلَيْكَ، وَلَمْ يَكُنْ     لِقَاؤُكَ إِلَّا مِنْ وَرَاءُ وَرَاءُ.

فَرَفَعَ إِذْ جَعَلَهُ غَايَةً وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ، قَاْلَ الْفَرَّاءُ: وَإِنْ نَوَيْتَ أَنْ تُظْهِرَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ وَأَظْهَرْتُهُ فَقُلْتَ: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلِ وَمِنْ بَعْدِ، جَازَ ڪَأَنَّكَ أَظْهَرْتَ الْمَخْفُوضَ الَّذِي أَضَفْتَ إِلَيْهِ قَبْلَ وَبَعْدَ، قَاْلَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيَقْرَأُ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، يَجْعَلُونَهُمَا نَكِرَتَيْنِ، الْمَعْنَى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ تَقَدُّمٍ وَتَأَخُّرٍ، وَالْأَوَّلُ أَجُودُ. وَحَكَى الْكِسَائِيُّ: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلِ وَمِنْ بَعْدِ، بِالْكَسْرِ، بِلَا تَنْوِينٍ، قَاْلَ الْفَرَّاءُ: تَرَكَهُ عَلَى مَا ڪَانَ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي الْإِضَافَةِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الْأَوَّلِ:

بَيْنَ ذِرَاعَيْ وَجَبْهَةِ الْأَسَدِ.

قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ ڪَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى بَيْنَ ذِرَاعَيِ الْأَسَدِ وَجَبْهَتِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَحَدَ الْمُضَافِ إِلَيْهِمَا، وَلَوْ ڪَانَ: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلِ وَمِنْ بَعْدِ ڪَذَا، لَجَازَ عَلَى هَذَا وَكَانَ الْمَعْنَى: مِنْ قَبْلِ ڪَذَا وَمِنْ بَعْدِ ڪَذَا، وَقَوْلُهُ:

وَنَحْنُ قَتَلْنَا الْأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّةٍ     فَمَا شَرِبُوا بَعْدٌ عَلَى لَذَّةٍ خَمْرَا.

إِنَّمَا أَرَادَ بَعْدُ فَنَوَّنَ ضَرُورَةً، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بَعْدُ عَلَى احْتِمَالِ الْكَفِّ، قَاْلَ اللِّحْيَانِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا هُوَ بِالَّذِي لَا بُعْدَ لَهُ، وَمَا هُوَ بِالَّذِي لَا قُبْلَ لَهُ، قَاْلَ أَبُو حَاتِمٍ: وَقَالُوا: قَبْلَ وَبَعْدَ مِنَ الْأَضْدَادِ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا، أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ. قَاْلَ الْأَزْهَرِيُّ: وَالَّذِي قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ عَمَّنْ قَالَهُ خَطَأٌ، قَبْلُ وَبَعْدُ ڪُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَقِيضُ صَاحِبِهِ فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا بِمَعْنَى الْآخَرِ، وَهُوَ ڪَلَامٌ فَاسِدٌ. وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ -: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا، فَإِنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ عَنْهُ فَيَقُولُ: ڪَيْفَ قَاْلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْأَرْضُ أَنْشَأَ خَلْقَهَا قَبْلَ السَّمَاءِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ – تَعَالَى -: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْأَرْضِ وَمَا خُلِقَ فِيهَا، قَالَ: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ، وَثُمَّ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْأَوَّلِ الَّذِي ذُكِرَ قَبْلَهُ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ خَلْقَ الْأَرْضِ سَبَقَ خَلْقَ السَّمَاءِ، وَالْجَوَابُ فِيمَا سَأَلَ عَنْهُ السَّائِلُ أَنَّ الدَّحْوَ غَيْرُ الْخَلْقِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْبَسْطُ، وَالْخَلْقُ هُوَ الْإِنْشَاءُ الْأَوَّلُ، فَاللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ – خَلَقَ الْأَرْضَ أَوَّلًا غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ أَيْ بَسَطَهَا، قَالَ: وَالْآيَاتُ فِيهَا مُتَّفِقَةٌ، وَلَا تَنَاقُضَ بِحَمْدِ اللَّهِ فِيهَا عِنْدَ مَنْ يَفْهَمُهَا، وَإِنَّمَا أَتَى الْمُلْحِدُ الطَّاعِنُ فِيمَا شَاكَلَهَا مِنَ الْآيَاتِ مِنْ جِهَةِ غَبَاوَتِهِ وَغِلَظِ فَهْمِهِ وَقِلَّةِ عِلْمِهِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْخَطَابَةِ: أَمَّا بَعْدُ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ أَمَّا بَعْدُ دُعَائِي لَكَ، فَإِذَا قُلْتَ: (أَمَّا بَعْدُ) فَإِنَّكَ لَا تُضِيفُهُ إِلَى شَيْءٍ وَلَكِنَّكَ تَجْعَلُهُ غَايَةً نَقِيضًا لِقَبْلَ، وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – خَطَبَهُمْ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: أَمَّا بَعْدُ حَمْدِ اللَّهِ فَكَذَا وَكَذَا. وَزَعَمُوا أَنَّ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلَامُ – أَوَّلُ مَنْ قَالَهَا، وَيُقَالُ: هِيَ فَصْلُ الْخِطَابِ وَلِذَلِكَ قَاْلَ – جَلَّ وَعَزَّ -: وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ، زَعَمَ ثَعْلَبٌ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَهَا ڪَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ. أَبُو عُبَيْدٍ: يُقَالُ لَقِيتُهُ بُعَيْدَاتِ بَيْنٍ: إِذَا لَقِيتَهُ بَعْدَ حِينٍ، وَقِيلَ: بُعَيْدَاتُ بَيْنٍ أَيْ بُعَيْدَ فِرَاقٍ، وَذَلِكَ إِذَا ڪَانَ الرَّجُلُ يُمْسِكُ عَنْ إِتْيَانِ صَاحِبِهِ الزَّمَانَ، ثُمَّ يَأْتِيهِ ثُمَّ يُمْسِكُ عَنْهُ نَحْوَ ذَلِكَ أَيْضًا، ثُمَّ يَأْتِيهِ، قَالَ: وَهُوَ مِنْ ظُرُوفِ الزَّمَانِ الَّتِي لَا تَتَمَكَّنُ وَلَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا ظَرْفًا، وَأَنْشَدَ شَمِرٌ:

وَأَشْعَثَ مُنْقَدِّ الْقَمِيصِ، دَعَوْتُهُ     بُعَيْدَاتِ بَيْنٍ، لَا هِدَانٍ وَلَا نِكْسِ.

وَيُقَالُ: إِنَّهَا لَتَضْحَكُ بُعَيْدَاتِ بَيْنٍ أَيْ بَيْنَ الْمَرَّةِ ثُمَّ الْمَرَّةِ فِي الْحِينِ. وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ ڪَانَ إِذَا أَرَادَ الْبِرَازَ أَبْعَدَ، وَفِي آخِرَ: يَتَبَعَّدُ، وَفِي آخِرَ: أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ڪَانَ يُبْعِدُ فِي الْمَذْهَبِ أَيِ الذَّهَابِ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، مَعْنَاهُ إِمْعَانُهُ فِي ذَهَابِهِ إِلَى الْخَلَاءِ. وَأَبْعَدُ فُلَانٍ فِي الْأَرْضِ إِذَا أَمْعَنَ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ: هَلْ أَبْعَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟ قَاْلَ ابْنُ الْأَثِيرِ: ڪَذَا جَاءَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مَعْنَاهُ: أَنْهَى وَأَبْلُغُ، لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَاهِيَ فِي نَوْعِهِ يُقَالُ: قَدْ أَبْعَدَ فِيهِ وَهَذَا أَمْرٌ بَعِيدٌ لَا يَقَعُ مِثْلُهُ لِعِظَمِهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّكَ اسْتَعْظَمَتْ شَأْنِي وَاسْتَبْعَدْتَ قَتْلِي، فَهَلْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟ قَالَ: وَالرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ أَعْمَدُ بِالْمِيمِ.

معنى كلمة بعد – معجم لسان العرب – قاموس عربي عربي


العودة إلى معجم لسان العرب حسب الحروف – قاموس عربي عربي

اترك تعليقاً