رؤيا الموت – تفسير الاحلام لابن نعمة

( باب: الْبَاب الرَّابِع عشر فِي الْمَوْت والنزاع)

رؤيا الموت – تفسير الاحلام لابن نعمة

النزاع: دَال على قرب فرج من هُوَ فِي شدَّة، وإطلاق سراح الأسير، وعَلى تَوْبَة الْفَاسِق، وَإِسْلَام غير المسلم، وعَلى الْمُنَازعَة، وحدوث خوف للآمن، وَأمن للخائف، والنقلة من مَكَان إِلَى آخر، وَرُبمَا دلّ على الإجتماع بالغياب.

فصل: الْمَوْت: مُحَقّق لما دلّ عَلَيْهِ النزاع، مِمَّا ذكرنَا. وَقد يدل: على سجن، وقد يدل عَلى التجهز إِلَى ملاقاة الأكابر، وَمَا أشبه ذَلِك. فَإِن كَانَ فِي مَوته مُتَوَجها إِلَى جِهَة يعْتَقد أَنَّهَا تقربه إِلَى ربه عز وَجل، أَو كَانَ صورته حَسَنَة، أَو طيب الرَّائِحَة، أَو أَن حواليه أَرْبَاب صَلَاح، أَو نور: حصلت رَاحَة للْمُسَافِر، وخلاص من مرض، أَو سجن، أَو ملاقاة الأكابر بِكُل خير، وَنَحْو ذَلِك. وَإِن كَانَ خلاف ذَلِك: حصل لَهُ نكد فِيمَا ذكرنَا.

قَالَ المُصَنّف: الْمَوْت والنزاع: يدل على الشَّيْء وضده فيهمَا، لمن لَا هُوَ فِي شدَّة دَال على النكد، وَلمن هُوَ متنكد على قرب زَوَال ذَلِك، لِأَن الْمَوْت خلاص والنزاع قريب من الْمَوْت. وعَلى إطلاق سراح السجين لأنه لم يبق عَلَيْهِ حكم لأحد. وعَلى الْمُنَازعَة للاشتقاق. وعَلى التَّوْبَة لِأَن من قرب من هَذِه رَجَعَ غَالِبا عَن الردي. وعَلى الْأَسْفَار. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني أنازع، قلت: أَنْت تتجهز للسَّفر. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني مت ثمَّ عِشْت، قلت: سَافَرت ثمَّ رجعت. وَمثله قَالَ آخر، قلت: سجنت ثمَّ خلصت. وَمثله قَالَ آخر -إِلَّا أَنه قَالَ: وقفت بَين يَدي رب الْعِزَّة سُبْحَانَهُ ثمَّ عِشْت- قلت: رحت اجْتمعت بكبير الْقدر ثمَّ رجعت، قَالَ: نعم. وَقَالَ آخر: كل وَقت أبْصر أنني أَمُوت ثمَّ أعيش، قلت: تصرع كل وَقت ثمَّ تفيق، قَالَ: صَحِيح. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت كثير الرمد حَتَّى مَا تبصر بِعَيْنِك شَيْئا، ثمَّ تعافى، قَالَ: صَحِيح. وَقد ذكرنَا الشُّرُوط قبل الْمَوْت وَبعده فَافْهَم ذَلِك.

رؤيا الغسل

فصل: من اغْتسل غسل الْمَوْت بِمَاء نظيف بَارِد فِي الصَّيف، أَو يسخن فِي الشتَاء: دلّ على وَفَاء الدُّيُون، وَقَضَاء الحوائج، وملاقاة الأكابر بِكُل خير. وَأما إِن اغْتسل بِالْمَاءِ الكدر، أَو بالبارد فِي الشتَاء، أَو بالحار فِي الصَّيف: دلّ على الأنكاد، والفقر، والأمراض، أَو سجن، أَو سفر ردي. قَالَ المُصَنّف: دلّ غسل الْمَوْت بِشُرُوطِهِ الْمَذْكُورَة على قَضَاء الدُّيُون والحوائج، لذهاب الأوساخ الَّتِي تضيق الصَّدْر. وعَلى حسن ملاقاة الأكابر، لكَونه يقف بَين يَدي ربه عز وَجل بِهَذِهِ الصّفة المليحة. وَكَذَلِكَ الحكم لكل مِلَّة وَدين يجهزون موتاهم بِغَيْر الْغسْل. وَاعْتبر الْغَاسِل. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني أغسل الْمَوْتَى، قلت: تصير قيمًا فِي حمام. وَمثله قَالَ آخر – وَكَانَ متعبدا – قلت: تكْثر من تطلب التَّوْبَة والأعمال الصَّالِحَة على يدك، وتطهر بواطنهم وظواهرهم بِحسن مداراتك لَهُم، لِأَن التلميذ بَين يَدي معلمه كالميت بَين يَدي الْغَاسِل. وَمثله قَالَت امْرَأَة، قلت: تصيرين قَابِلَة تدورين بالصغار الَّذين لَا حكم لَهُم وَلَا عقل، فَصَارَت كَذَلِك.

رؤيا الكفن

فصل: من تكفن فِي الْمَنَام بكفن مليح: تزوج إِن كَانَ أعزب، أَو اسْتغنى إِن كَانَ فَقِيرا، أَو تزوج امرأة، أَو اشترى دَارا، أَو اكتسى إِن كَانَ عُريَانا. وَأما إِن كَانَ الْكَفَن رديا، أَو كره الرَّائِحَة، أَو ممزقا: انعكس ذَلِك كُله. قَالَ المُصَنّف: دلّ الْكَفَن على التَّزْوِيج لِأَنَّهُ لِبَاس. وَالله تَعَالَى يَقُول: {هن لِبَاس لكم وَأَنْتُم لِبَاس لَهُنَّ} . وَدلّ على الْغنى لكَونه استتر حَاله. وَدلّ على الدَّار لكَونه بَقِي دَاخل الْكَفَن كَالدَّارِ. وَرُبمَا دلّ الْكَفَن على مَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني تكفنت، قلت: عنْدك مَكَان تُرِيدُ أَن تبيضه أَو تليسه، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تنعزل من منصبك، لكَون الْكَفَن يرْبط على الْمَيِّت فَلَا تتحرك أعضاؤه. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تسجن.

رؤيا النعش

و

رؤيا التابوت

و

رؤيا الجنازة

فصل: الْحمل فَوق النعش – بِلَا صُرَاخ وَلَا عياط -: دَال على الْولَايَة، والرفعة، وَالسّفر الْمليح، وعَلى غنى للْفَقِير، وَزِيَادَة فَائِدَة الْغَنِيّ، والإجتماع بالأحبة. وَكَذَلِكَ الصلب. وَجَمِيع ذَلِك بالعياط، أَو اللَّطْم، أَو سَواد الْوَجْه، أَو كَونه مَكْشُوف الْعَوْرَة، أَو كَأَنَّهُ يضْحك ضحكا مَكْرُوها، أَو يكون رَأسه إِلَى مَوضِع رجلَيْهِ، أَو كَأَنَّهُ ملقا على وَجهه، وَمَا أشبه ذَلِك: دلّ على الأنكاد. قَالَ المُصَنّف: وَاعْتبر من حمل على النعش. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني على نعش وَقد طارت بِهِ الرّيح، قلت: تُسَافِر فِي مركب. وَقَالَ آخر كأنني على نعش تحمله الْحَيَوَانَات: قلت تركب على عجل. وَدلّ ركُوبه بِالشُّرُوطِ المليحة على الْولَايَة لكَون النَّاس يَمْشُونَ بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه، وعَلى الرّفْعَة لِأَنَّهُ ارْتِفَاع، وعَلى السّفر لكَونه ينْقل الأجساد إِلَى أَمَاكِن أخر، وعَلى غنى الْفَقِير لكَون النَّاس يعلمُونَ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ، وعَلى الِاجْتِمَاع بالأحبة والغياب لكَوْنهم يؤديهم إِلَى الْمَقَابِر الَّتِي هِيَ منزل الْأَحِبَّة والغياب. وَمثله الصلب. وَرُبمَا دلّ الصلب على مرض يَقع بالعنق، كالخانوق وَنَحْوه. والجميع فِي الصِّفَات الردية دَال على ذَكرْنَاهُ فِي بَاقِي الْفَصْل.

رؤيا الدفن

و

رؤيا القبر

فصل: الدّفن فِي الْقَبْر غير محمود للمريض، وتزويج للأعزب، لِأَنَّهُ ستْرَة، وسفر؛ لِأَنَّهُ انْتقل إِلَى أَرض أُخْرَى، وعزل للمتولي، وفقر للغني، وَقد يدل على مرض للصحيح، أَو على سجن. فَإِن كَانَ قبرا وَاسِعًا، أَو وجد رَائِحَة طيبَة، أَو خضرَة مليحة، أَو ثوبا، أَو مَأْكُولا، حسنا: كَانَ عَاقِبَة ذَلِك كُله إِلَى خير. كَمَا أَنه إِذا كَانَ ضيقا، أَو فِيهِ دُخان، أَو حَيَوَان مؤذي، أَو ضربه مُنكر، أَو نَكِير، أَو احْتَرَقَ بِنَار، أَو رأى جيفا، وَمَا أشبه ذَلِك: كَانَ رديا. فَإِن جَعَلْنَاهُ سفرا: قطعت عَلَيْهِ الطَّرِيق. وَإِن جَعَلْنَاهُ تزويجا: كَانَ عاقبته خصاما. وَإِن جَعَلْنَاهُ أمراضا: كَانَت أمراضا مؤلمة. قَالَ المُصَنّف: وَاعْتبر الْقَبْر وأحواله. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني هارب من ثعبان كَبِير فرمتني امْرَأَة فِي قبر، قلت: عبرت عِنْدهَا وَخفت فجعلتك فِي صندوق خوفًا من عَدو، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَت امْرَأَة: رَأَيْت أنني فِي قبر مليح، قلت: السَّاعَة تتزوجين. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أدفن نسَاء كَثِيرَة فِي قُبُور، قلت: أَنْت كثيرا مَا تجهز العرائس. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أنبش صناديق النَّاس وَأخرج مَا فِيهَا، قلت: أَنْت نباش الْقُبُور. وَقَالَ بعض الْمُلُوك: رَأَيْت أنني انبش الْقُبُور وأخرجت من فِيهَا من الْمَوْتَى، قلت: تطلق أهل السجون. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني أكسر الْبيض وأرمي صفره وآكل بياضه، قلت: أَنْت تَأْخُذ أكفان الْمَوْتَى.

رؤيا الحفر

فصل: حكم الحفائر إِذا وَقع فِيهَا: حكم الْقَبْر، إِلَّا أَنَّهَا أَهْون مِنْهُ. وَأما إِذا حفرهَا ليؤذي بهَا إنْسَانا، أَو فِي مَوَاضِع تؤذي النَّاس: فَهُوَ رجل ردي. وَرُبمَا وَقع فِي الْمَكْر، والخديعة الَّتِي عَملهَا. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم “من حفر لِأَخِيهِ قليبا أوقعه الله عز وَجل فِيهِ قَرِيبا . وَقَالَ الشَّاعِر:

(يَا حافر الْبِئْر وسع فِي مراقيها … من حفر الْبِئْر يُوشك أَن يَقع فِيهَا)

وَالله أعلم.

العودة إلى تفسير الأحلام لابن نعمة بالحروف

اترك تعليقاً