رؤيا الصنعة – تفسير الاحلام لابن نعمة

( باب: الْبَاب الْعَاشِر)

(فِي الصَّنَائِع والصناع)

رؤيا الصنعة – تفسير الاحلام لابن نعمة

و

رؤيا العمل

كل من عمل عملا، أرفع من عمله: نَالَ عزا، ورفعة، وغنى. كالفقيه، يرى أَنه يدرس، أَو يخْطب، أَو يؤم بِالنَّاسِ، أَو كَأَنَّهُ يقْضِي. وَكَمن يكْتب على الطرقات، أَو خطاطا، فَيرى أَنه يكْتب أحسن مِمَّا يكْتب، أَو فِي ورق أحسن من روقه. أَو كخياط، يخيط القماش الردي، يرى أَنه يخيط الرفيع. وكبائع الخلقان، يرى أَن لَهُ دكاناً، فِيهَا بز مليح. وكبائع الْحَلَاوَة الدونة، يرى أَنه يَبِيع حلواء السِّرّ، وكناسج المشاق، يرى أَنه ينسج الْكَتَّان، أَو الْحَرِير. وأمثالهم. قَالَ المُصَنّف: قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني أَخطب على مِنْبَر حجر وكأنني قد تحولت مِنْهُ إِلَى مِنْبَر خشب مليح، قلت لَهُ: خطبت امْرَأَة فقيرة وَمَا تمّ مرادكم، ثمَّ تحولت إِلَى خطبت امْرَأَة غنية، قلت لَهُ: أَيْن كَانَ الْمِنْبَر، قَالَ: كَانَ فِي غير جَامع، قلت لَهُ: صَنْعَة ابْنهَا نجار أَو يخْدم الْبَسَاتِين وَرُبمَا يتاجر فِي الْخشب، قَالَ: صَحِيح الْمَجْمُوع فِيهِ، وَدَلِيله لَو كَانَ الْمِنْبَر فِي أَمَاكِن الْعِبَادَة قُلْنَا بَيت عَالم أَو جليل الْقدر وَنَحْو ذَلِك فَلَمَّا لم نجده كَذَلِك أعْطى أَنه التزق إِلَى من يعْمل الْخشب، أَو يربح مِنْهُ. وَقَالَ لي خطيب: رَأَيْت أَن منبري صَار جَدِيدا، قلت: لَهُ يَتَجَدَّد لَك توقع بِمنْصب جَدِيد وَرُبمَا تتولى قطراً، فَجَاءَهُ توقيع بِالنّظرِ. وَقَالَ لي نَاسخ: رَأَيْت أنني أكتب فِي ورق فَيصير ألواحاً، قلت لَهُ: تنْتَقل من النّسخ وَتصير معلم مكتب. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني آخذ نبتاً من الأَرْض وأكتب عَلَيْهِ، قلت: تتولى على دَار الْخضر أَو مَوضِع تبَاع فِيهِ الْفَوَاكِه، فَصَارَ كَذَلِك. وَمثله رَأَتْ امْرَأَة، قلت: تصيرين ماشطة تكتبين للنِّسَاء وَالْبَنَات فِي الأفراح وتنقشينهن، فَصَارَت كَذَلِك. فافهمه.

فصل: من عمل عملا، دون عمله: دلّ على الْفقر، والنكد، ونزول الْمرتبَة، والتنقل من حَال إِلَى حَال أردى مِنْهُ. كمن صَنعته صياغة الْفضة، أَو الذَّهَب، فَيرى أَنه يصوغ الْحَدِيد. أَو كطباخ، يطْبخ لُحُوم الْغنم، فيطبخ لُحُوم الْإِبِل، أَو الْبَقر. وكبائع الْجَوَاهِر، واللؤلؤ، يرى أَنه يَبِيع الخرز، أَو الخزف. وكتاجر القماش الْمليح، يرى أَنه يَبِيع الأكسية، أَو المشاق، وَأَمْثَاله ذَلِك. لِأَن كل من فعل فعلا، لَا يَلِيق بِهِ: فَهُوَ شهرة، ردية، فِي حَقه.

قَالَ المُصَنّف: جائتني امْرَأَة فقالت: رَأَيْت كأنني قَاعِدَة على ورق فجَاء قلم يكْتب على الْوَرق فَدخلت فِي الْقَلَم وَهِي تمشي بِي، قلت لَهَا: تتزوجين بِرَجُل فَقِيه أَو كَاتب ويسافر بك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت قَلما وَأَنا أكتب، قلت: تصير سقاء تحمل المَاء وتسقي. وَمثله قَالَ آخر قلت: كَانَ قصباً مليحاً، قَالَ: نعم، قلت: تصير كَاتب جليل الْقدر على قدر حَسَنَة. وَقَالَ لي صائغ: رَأَيْت أنني كلما عملت ذَهَبا أَو فضَّة يصير نُحَاسا، قلت لَهُ: أَنْت تبدل الْجيد بالردي، قَالَ: صدقت، وَأَنا تائب إِلَى الله تَعَالَى. وَقَالَ آخر – وَكَانَ طباخاً -: رَأَيْت أنني أخذت رَأس غنم بِالْحَيَاةِ فرميته فِي الْقدر، قلت لَهُ: أَنْت طبخت مرّة رَأْسا فطيساً وأخفيت أمره، قَالَ: صدقت، ثمَّ تبت من ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني ذبحت جملا فِي قدري، قلت لَهُ: عملت حِيلَة على جمال أَو بدوي وقدرت عَلَيْهِ، وَأخذت مَاله خُفْيَة، وَكَانَ فِي غير هَذَا الْبَلَد، قَالَ: صَحِيح، وَقت الْجَهْل. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أتيت إِلَى بطن بقرة من دَاخل فَأخذت كَبِدهَا، قلت لَهُ: عملت حِيلَة على امْرَأَة وأذيت ولدها، قَالَ: صدقت. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني آخذ القماش الْمليح وأطوي فِي بَاطِنه الْجَوْز واللوز، قلت لَهُ: أَنْت تتجر فِي القطايف والخشكنانك، قَالَ: صَحِيح، قلت: تبطل فائدتك، لِأَن القماش لَا يُؤْكَل فبطلت. فَافْهَم ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

رؤيا القاضي

و

رؤيا الطبيب

و

رؤيا العطار

فصل فِي الصَّنَائِع: من صَار قَاضِيا أَو طَبِيبا، أَو كحالاً، أَو مجبراً، أَو جرائحياً، أَو عطاراً، وَنَحْو ذَلِك: تولى منصباً، على قدر مَا يَلِيق بِهِ. أَو درت معيشته، أَو ربحت تِجَارَته، أَو أفادت أملاكه، وترادفت رَاحَته. فَإِن كَانَ قَاضِيا؛ وَعَلِيهِ لبس حسن، أَو طَبِيبا وَهُوَ يفرق على النَّاس فِي الْمَنَام أدوية نافعة، أَو إِذا رأى كَأَنَّهُ جرائحي؛ وَهُوَ يداوي الْجِرَاحَات بِمَا صلح لَهَا، أَو مجبر وَهُوَ يجْبر كسر النَّاس، أَو كَحال وَهُوَ يداوي أبصار النَّاس: فَإِن جعلنَا ذَلِك مُتَوَلِّيًا، كَانَ مُتَوَلِّيًا حسنا، فِيهِ خير، وراحة، وَعدل. وَإِن جَعَلْنَاهُ مَالا، فَمَال مُفِيد. وَإِن جَعَلْنَاهُ رَاحَة، كَانَت رَاحَة مترادفة، أَو معيشة دارة، من وَجه جيد. قَالَ المُصَنّف: انْظُر مَا صَار إِلَيْهِ من المناصب والصنائع واعتبره بِحكم يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت إِمَامًا أُصَلِّي بِالنَّاسِ، قلت: عزمت على حفظ الْقُرْآن الْعَزِيز، قَالَ: نعم، قلت: تحفظه، فحفظه. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أَنا وَاثْنَانِ نمشي فَوَقع رفيقي فِي بُسْتَان وَوَقعت أَنا وَالْآخر فِي أتون نَار، قلت: تَتَوَلَّوْا ثلاثتكم الْقَضَاء لأنكم عُلَمَاء، أما الَّذِي وَقع فِي الْبُسْتَان فَيَقَع فِي منصب حسن؛ وَرُبمَا يكون يحكم بِالْحَقِّ، وَأَنت ورفيقك قاضيان فِي النَّار فتتوليا منصبين رديين؛ وَرُبمَا تحكما بِغَيْر الْحق، لِأَن الْبُسْتَان يُسمى جنَّة وأنتما كنتما فِي النَّار، فَالْتَتقيَا الله فِيمَا تتوليا، فَعَن قَلِيل توَلّوا كَمَا ذكرنَا. وَقَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت حائكاً وَأَنا انسج، قلت: فِي أَي شَيْء كنت تنسج، قَالَ: مَا كَانَ قدامي شَيْء؛ إِلَّا أَنا أحرك يَدي ورأسي كالحائك، قلت: يَقع بك ارتعاش فِي الرَّأْس أو الْيَدَيْنِ. وَمثله قَالَ آخر: غير أَنه عقل على المكوك فِي يَده يرميه إِلَى الْيَد الْأُخْرَى، قلت لَهُ: لَك غَرِيم قد سرق لَك شَيْئا من الملبوس، وَأَنت كثير الإلتفات فِي طلبه، أَنْت وَآخر، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كَأَن فِي يَدي قَلما وَأَنا ألقط بِهِ قلوباً من صحن فِيهِ طَعَام، وآخذ بِهِ لَحْمًا أَيْضا، قلت: تصير كَاتبا على بَحر. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تصير صياداً من المَاء، فَصَارَ كَذَلِك. وَقَالَ لي كَاتب: رَأَيْت أنني صرت جراحياً عِنْدِي أَنْوَاع من المراهم وَهِي زفرَة، قلت: عنْدك من الْمَرْأَة الَّتِي عنْدك هم عَظِيم لأجل طلوعات بهَا، قَالَ: نعم، قلت: ستعافى، فعوفيت. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أعمل عنبراً وَالنَّاس يشْتَرونَ مني ذَلِك، قلت: تعجن الطين وتعمل مِنْهُ إِمَّا أواني وَإِمَّا طوباً وتفيد فِي ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أستخرج الماورد بأواني زجاج ونار على الْعَادة، وَالنَّاس يزدحمون على الْأَخْذ مني، قلت لَهُ: تضمن حَماما. وَمثله قَالَ آخر -وَكَانَ كَبِير الْقدر-، قلت: تملك أَو تبني حَماما، وَتَكون فَائِدَته كَثِيرَة. وَمثله قَالَ آخر؛ وَزَاد فِيهِ أَنه يكتوي من المَاء الْخَارِج، قلت لَهُ: كي مَاء أَنْت تعاني الكيمياء، قَالَ: نعم، وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت مجبراً، قلت: أَنْت رجل بِنَاء ماهر فِي صنعتك، إِذا وَقع بِالْبِنَاءِ عيب ترده، قَالَ: صَحِيح، قلت: يعول قدرك فِي ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت كحالاً، قلت لَهُ: صنعتك فِي عمل الْآبَار والعيون والسواقي وَنَحْو ذَلِك، وَلَك خبْرَة فِي صرف الْمِيَاه وكنس الْآبَار وإدرار جَرَيَان الْمِيَاه، قَالَ: نعم، قلت: ستحتاج النَّاس إِلَيْك، فَجرى ذَلِك.

فصل: وَأما إِن كَانَت رَائِحَة من صَار قَاضِيا ردية، أَو كَانَ يطعم النَّاس الْميتَة، أَو الْجِيَف، أَو كَانَ لبسه، ردياً، أَو كَانَ الطَّبِيب يفرق السمومات، أَو العقاقير الردية، أَو كَانَ الكحال يقْلع أعين النَّاس، أَو يكحلهم بِالْحِجَارَةِ، أَو التُّرَاب، أَو الْخشب، أَو الْمُجبر يكسر أَعْضَاء النَّاس، أوعظامهم، أَو الجرائحي يمزق لُحُوم النَّاس، أَو يسيل دِمَاءَهُمْ من الْأَعْضَاء الصَّالِحَة، أَو الْعَطَّار يَبِيع الْأَشْيَاء الردية، أَو الشرابات الردية: فَإِن جَعَلْنَاهُ متوالياً، كَانَ ظَالِما. وَإِن جَعَلْنَاهُ مكسباً كَانَ مكسباً حَرَامًا. وَإِن جَعَلْنَاهُ فَائِدَة، كَانَت بنكد. وَنَحْو ذَلِك. قَالَ المُصَنّف: وَأما من صَار فعله أَو صفته ردية فِيمَا صَار إِلَيْهِ من الصَّنْعَة فِي الْمَنَام فأعطه مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ لي طَبِيب: رَأَيْت أنني صرت قَاضِيا ولبسي مَا هُوَ جيد، قلت لَهُ: تقضي على المرضى فِي طبك بِمَا لَا يصلح لَهُم، وأخشى عَلَيْك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني طَبِيب وَأَنا أفرق السمومات وَالنَّاس يَأْخُذُونَ مِنْهَا، قلت لَهُ: أَنْت رجل قوي حاوي تجمع الْحَيَّات وَنَحْو ذَلِك، قَالَ: نعم، قلت: تفِيد من ذَلِك. وَمثله قَالَ آخر؛ غير أَنه قَالَ أبيع هَذِه السمومات وَمَا أرجع أبيع شَيْئا، قلت لَهُ: كَانَ السم سَائِلًا، قَالَ: نعم كَأَنَّهُ زَيْت، قلت: وَالَّذِي أَعطيتهم تعرفهم، قَالَ: لَا لكِنهمْ أشكال ردية، قلت لَهُ: ستظفر بِبَعْض أعدائك. وَقَالَ لي ملك: رَأَيْت أنني أكحل الْعُيُون الَّتِي تنظر إِلَيّ بِالتُّرَابِ، قلت: تظفر بجواسيس، قَالَ: صدقت. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني جرائحي وَأَنا أفرق لُحُوم النَّاس وَغَيرهم، قلت: أَنْت قَاطع طَرِيق بِالسِّلَاحِ. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت رجل شَاعِر تسيء للنَّاس بمبضع لسَانك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أعمل الشَّرَاب فيتلف وَيَجِيء شرابًا ردياً، قلت: إياك أَن تتاجر بالثمار أَو السكر وَالْعَسَل وَنَحْو ذَلِك تخسر فِيهِ، فَمَا قبل مني، فَقَالَ لي أَنه غرم كثيرا. فَافْهَم ذَلِك.

رؤيا الحداد

فصل: كل من يتعانى عمل الْحَدِيد، كالحدادين، والمسامريين: فهم أَصْحَاب أَمر، وَنهي وَقُوَّة، وبأس.

رؤيا النحاس

والنحاس: صَاحب أَخْبَار.

رؤيا النجار

والنجار: رجل يقمع الْمُنَافِقين.

رؤيا الطباخ

والشواء، والقلاء، والرواس، والطباخ، وبائع الْخبز: أَصْحَاب ولايات على الأرزاق، وَلَهُم ذكر دون. الصَّائِغ: رجل يعاشر الأكابر، ويتصرف فيهم.  وَرُبمَا كَانَ كذابا كالدهان، والمرزوق. قَالَ المُصَنّف: اعْتبر أَصْحَاب الصَّنَائِع. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت حداداً، قلت: السَّاعَة تصير فِي بَاب جليل الْقدر وَتَكون تضرب النَّاس، لِأَن نزُول المطارق على الحديدة الممسوكة بالكلبتين يشبه الممسوك وَالنَّاس يضربونه. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أنفخ فِي كير حداد بِلَا نَار، قلت لَهُ: لَك زوجتان، فَإِن كنت عملت حداداً أَو عمل على نفخك رزقت مِنْهُنَّ الْأَوْلَاد وَإِلَّا فَلَا، لِأَن الْكِير فِيهِ أنبوبان عابران فِي بَيت النَّار كالذكر فِي فرج الْمَرْأَة واستواء الْحَدِيد كاستواء الْوَلَد. وَانْظُر مَا بِعَمَل عَلَيْهِ فَالَّذِي يعْمل السكَك للزَّرْع يخْدم من دلّت الْأَرَاضِي عَلَيْهِ وسكك الْخَيل للأجناد، وَالَّذِي يعْمل ذَلِك لأجل القباقيب يخْدم من يلبس أُولَئِكَ، وَالَّذِي يعملهم لأجل المراكب فلذوي الْأَمَانَة وَالْحِفْظ، وَنَحْو ذَلِك. وَشبه الْخشب بالمنافق لكَونه يسوس وَيَقَع على غَفلَة فيحسبه الْإِنْسَان ثَابتا وَلَا ثبات لَهُ، وَكَذَلِكَ أَيْضا تهرى أَطْرَافه فِي الْبُنيان فَيَقَع على غَفلَة، وَأَيْضًا يبصر ظَاهر الْخَشَبَة مليحاً فيكشفها النجار فَمَا يجدهَا تَنْفَع. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت قلاء، قلت: تَحت يدك ولَايَة ترمي النَّاس فِي عَذَاب ويكثرون صراخهم. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت شوى، قلت: أَنْت سجان وَتدْخل بَعضهم الْجب وتنزع قماشهم، فَارْجِع عَن ذَلِك، فَتَركه. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت رواساً، قلت: أَنْت تصطاد من الْمِيَاه وتتعيش، قَالَ: صدقت. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تصير قيمًا فِي حمام تحلق رُؤُوس النَّاس، فَصَارَ كَذَلِك. لما أَن كَانَ بَاطِن مَا يعمله الدهان والمزوق والصائغ خلاف ظَاهره أشبه الْكَذِب.

رؤيا الخياط

و

رؤيا النقاش

فصل: النقاش، والرفاء، والمشعب، والخياط: أَصْحَاب مداراة، واجتماع متفرق. فَإِن نقش مَا لَا يَلِيق، أَو رفأ ثوبا بخيط دون، أَو خاط قِطْعَة مَعَ أُخْرَى لَا تلِيق بهَا: إنعكس ذَلِك. وَرُبمَا دلوا فِي هَذَا الْحَال على القوادين.

قَالَ المُصَنّف: دلّ النقاش والرفاء والمشعب والخياط وَنَحْوهم على مَا ذكرنَا لإِصْلَاح مَا عملوه، وَجمع مَا افترق، وَحفظ مَا خشِي إِتْلَافه. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني أشعب الْأَوَانِي للْمَاء، قلت: تصير بِنَاء، وتحسن تصلح المصانع. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني أنقش ألواحاً، قلت: أَنْت معلم مكتب ينصلح على يَديك جمَاعَة من المتعلمين إِن كَانَ نقشك جيدا. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت رفاء، قلت: تصير جرائحياً تصلح أجساد النَّاس وَيبقى مَكَان ذَلِك أَثَره فِي الْجَسَد، فَصَارَ كَذَلِك. وَمثله قَالَ آخر، قلت لَهُ: فَمَا رفيت، قَالَ: قماشاً رفيعاً، قلت: أَنْت تصلح مَا تشعث من دور الأكابر، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: فَمَا الَّذِي رفيت، قَالَ: الْأَمْتِعَة للغطاء، قلت: أَنْت تتعلم إسقاف الْبيُوت. وَقَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني أخيط فَيصير شبكة، قلت لَهُ تتعلم عمل الحزاكي. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تتعلم عمل الغرابيل والمناخل. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تصير صياداً بالشباك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تتعلم عمل التكك، فَصَارَ كَذَلِك.

رؤيا الفراء

وَالْفراء: صَاحب مَال، وفوائد، فِي زمن الشتَاء. وهموم فِي الصَّيف. صانع الزّجاج، والفخار: أَصْحَاب تَدْبِير، ومراراة، وطب. قَالَ المُصَنّف: دلّ الزّجاج والفاخوري على مَا ذَكرْنَاهُ للطف صنعتهم وَحسن مداراتهم فِيمَا يعملوه.

رؤيا الدباغ

الدّباغ: رجل مصلح، أَو طَبِيب، أَو متصرف، فِي بَرَكَات الهالكين. قَالَ المُصَنّف: قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت دباغاً، قلت: تصير قيمًا تغسل الثِّيَاب للمرضى، فَصَارَ بالمارستان. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تصير تنقي الْأَرَاضِي الدونة من الدغل والحشيش الَّذِي صَار بهَا، فَصَارَ كَذَلِك. فافهمه.

رؤيا الجزار

فصل: الجزار: رجل مهاب، يقهر أَرْبَاب الْجَهْل. وَرُبمَا دلّ على الظَّالِم، أَو قَاطع طَرِيق، وَذَلِكَ لما يفنى على يَدَيْهِ من الْأَرْوَاح.

رؤيا المعلم

ومعلم الْمكتب: مصلح لأهل الْجَهْل.

رؤيا المغربل

وحلاج الْقطن، والمغربل، وَالَّذِي ينخل الدَّقِيق: مصلح، مفرق بَين الْجيد والرديء. والمنجم: رجل خَبِير بأحوال الأكابر، وَيدل على الْكذَّاب. والحجار: رجل خَبِير، وبمداراة قساة الْقُلُوب، والأكابر. قَالَ المُصَنّف: قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت جزاراً، قلت: تتعلم الشّعْر وتتكلم فِي الناس أَو تمشي بالنميمة، فَصَارَ كَذَلِك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تصير فاصداً أَو حجاماً وتريق دِمَاء النَّاس لأجل الْمَنْفَعَة، فَصَارَ كَذَلِك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تنبش الْقُبُور. وَمثله قَالَ آخر؛ غير أَنه قَالَ كأنني أنفخ فِي كَعْب الْمَذْبُوح وَمَا علمت أنني ذبحته، قلت: أَنْت تفرق بَين المجتمعين والأقارب بكلامك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تعْمل الزّجاج وتنفخ فِيهِ. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تتعانى عمل الظروف وتربح مِنْهَا، فَصَارَ كَذَلِك. وَقَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أَن عِنْدِي قفصاً فِيهِ عصافير وَقد أطلقتهم، قلت: أَنْت معلم مكتب سيبطل مكتبك ويتفرق صغارك، فَجرى ذَلِك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت سجان وسيروح من فِي سجنك، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ لي آخر؛ وَكَانَ لَا يعرف الْخط: رَأَيْت أنني معلم مكتب وَالصبيان يقرؤون بِصَوْت طيب، قلت: أَنْت تعلم النَّاس الْغنى والزمزمة، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أحلج الْقطن، قلت: أَنْت مُتَوَلِّي حسن، طول نهارك تكبس المفسدين، قَالَ: نعم. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني أغربل قمحي، قلت: أَنْت عزمت على إِخْرَاج زَكَاته، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عزمت على أَنَّك تجهز جمَاعَة إِلَى جليل الْقدر يعزرهم ويؤدبهم، فَضَحِك وَقَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أنخل الدَّقِيق، قلت: عزمت على عمل معجنة طين وتعملها لَبَنًا بالنَّار تعْمل دورك بِهِ، قَالَ: نعم، وتعجب من ذَلِك. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أَن الأمطار بحكمي، قلت: تصير مغربلا أَو تنخل الدَّقِيق، وتفيد من ذَلِك فَصَارَ كَذَلِك. وَدلّ النَّجْم على الْكذَّاب لكَونه يتَكَلَّم على من لَا عاشره وَلَا خَبره حق خبرته. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت منجماً أتصرف فِي النُّجُوم وأرتبها، قلت: أَنْت تصير خَبِيرا بِعَمَل جامات الْحمام وستفيد من ذَلِك، فَصَارَ كَذَلِك. فافهمه موفقاً إِن شَاءَ الله.

رؤيا الحمال

و

رؤيا الساعي

و

رؤيا الحراث

و

رؤيا الفلاح

فصل: المكاري، والمسدي، والحمال، والساعي، والحراث، وأمثالهم: أَصْحَاب السّفر، وتعب. قَالَ المُصَنّف: دلّ المكاري وَمن بعده على مَا ذكرنَا لِكَثْرَة رَوَاحهمْ ومجيئهم. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت مسدياً، قلت: تصير خطاطاً، فَصَارَ كَذَلِك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: كَانَ فِي يَديك قصب عَلَيْهِ غزل، قَالَ: نعم، قلت: كَانَ لذَلِك صَوت، قَالَ: نعم، قلت: تتعلم اللّعب بالبنازات، فَصَارَ كَذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت مكارياً، قلت: تتعلم علم هندسة الْأَرَاضِي، فَصَارَ كَذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت حمالاً، قلت: على رَأسك، قَالَ: نعم، قلت: يَقع برأسك ألم يوجعه. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني حملت على رَأْسِي رؤساً فِي إِنَاء فوقعوا مني، قلت: تحمل فخاراً يَقع مِنْك فينكسر، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صَارَت ساعياً أحمل الْكتب، قلت: أَنْت جاسوس ومعك كتب خُفْيَة، فَأرَانِي ذَلِك. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت حراثاً، قلت: لَك مَال عزمت على دَفنه. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عزمت على تسيير مَالك إِلَى بلد فِي بَحر أَو تقطع مَاء، قَالَ: نعم، قلت: تربح. فَافْهَم ذَلِك.

رؤيا موقّد النار

وموقد النَّار لمصْلحَة: خَادِم الأكابر، المتقرب إِلَيْهِم فِي نفع غَيره. فَإِن كَانَ ذَلِك فِي زمن الشتَاء، كَانَ بِلَا تَعب، وينال رَاحَة. وَإِن كَانَ فِي زمن الصَّيف، كَانَ بتعب، وغرامة. لِكَثْرَة عرقه، الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَة المَال.

فصل: وَأما موقدها للمضرة، كمن يُرِيد حرق مَال النَّاس، أَو دُورهمْ، أَو ثِيَابهمْ: فَهُوَ رجل ردي، مثير الْفِتَن. وَأما موقدها للهداية: فَرجل أشبه شَيْء بالعلماء، وأرباب الْخَيْر. قَالَ المُصَنّف: انْظُر إِذا أوقد النَّار وَتكلم عَلَيْهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني أوقدت نَارا لأطبخ عَلَيْهَا رؤوساً، قلت: عزمت على أَنَّك تتعانى عمل الفخار أَو الطوب المشوي أَو الجير وَنَحْو ذَلِك، قَالَ: نعم، قلت: تفِيد. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أوقدها لأضيء على النَّاس، قلت: تصير خَادِم مَسْجِد أَو بيعَة تعدل الْقَنَادِيل لذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أوقدها لأحرق بهَا الدّور، قلت: تَتَكَلَّم فِي أَمْلَاك النَّاس وتؤذيهم، فَارْجِع عَن ذَلِك.

رؤيا البستاني

البستاني: رجل يخْدم من دلّت الْأَشْجَار عَلَيْهِ، من الدُّنْيَا، وَالدّين.

رؤيا الجوهري

وثقاب اللؤلؤ، والجواهر، والخرز: رجل ممهد، ومصلح، ومؤلف بَين الأكابر، وَأَصْحَاب الْخَيْر.

رؤيا بائع القمّاش

فصل: بائع أو دقاق القماش: مصلح لمن دلّ القماش عَلَيْهِ.

رؤيا الرسام

والرسام: رجل صَاحب أَمر، وَنهي، وَرُبمَا كَانَ مهندساً.

رؤيا المطرز

والمطرز: رجل بِنَاء، أَو حراث، أَو خَادِم، لمن دلّت الثِّيَاب عَلَيْهِ.

رؤيا البنّاء

وَالْبناء: رجل لَا يشْبع من الدُّنْيَا، لِكَثْرَة قَوْله “هَات، هَات”. المبيض، والمطري، والصيقل، والجلاء: رجال أَصْحَاب صَلَاح، وسداد. وَرُبمَا دلوا على المدلس. وعَلى هَذَا فقس بَاقِي أَصْحَاب الصنايع. وَالله تَعَالَى أعلم.

قَالَ المُصَنّف: قَالَت لي امْرَأَة: رَأَيْت أنني صرت أدق القماش، وَأُخْرَى قَالَت: أنني صرت رسامة، قلت لكل وَاحِدَة: تصيرين ماشطة، فصارتا كَذَلِك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: قطعت القماش، قَالَ: نعم، قلت: تصير جلاداً قُدَّام جليل، فَصَارَ كَذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أرسم على صوف، قلت: تَأمر فَلَا يسمع مِنْك، لِأَن الصُّوف غَالِبا لَا يثبت عَلَيْهِ الرَّسْم. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني أرسم على أَرض مليحة، قلت: تصير بستانياً وتسقي الزَّرْع. وَدلّ الْمُطَرز على الْبناء لِأَن التطريز كالبناء شَيْء بعد شَيْء جَانب بعضه إِلَى بعض، وعَلى الحراث لعبور الإبرة فِي الثَّوْب كالسكة العابرة فِي الأَرْض وطلوع الْخَيط والإبرة كالنبات، وعَلى خَادِم من دلّت عَلَيْهِ الثِّيَاب لِأَن الثَّوْب الْمَقْصُود مِنْهُ الطّراز لَا تميل النُّفُوس إِلَيْهِ حَتَّى يتم ذَلِك. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني تعلمت التطريز، قلت: تتعلم الْكِتَابَة. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أطرز أشكال الْحَيَوَان، قلت: تصير دهاناً وتصور فِي صنعتك تصويراً على حسن مَا طرزت. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت أطرز بالزركش، قلت: تصير بِنَاء للملوك الأكابر. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أعمل بيَدي زركشاً فِي قماش غَيْرِي وَالذَّهَب من عِنْدِي، قلت: تغير متاعك كَذَلِك فِي فَرح وتجمله بِهِ، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ صبي: رَأَيْت أنني صرت بِنَاء، قلت: تتعلم صَنْعَة التطريز، فَصَارَ كَذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت أَبيض الْغَزل فِي مرجل وَهُوَ يتْلف، قلت: تتحايل على النسوان وَتَأْخُذ مَا تعبوا عَلَيْهِ وتتلفه عَلَيْهِم، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني أصقل السيوف، قلت: تصير مغسلاً، فَصَارَ كَذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت مطرياً، قلت: تصير تتعانى عمل الْجُلُود البانية. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت مبيضاً، قلت: تتعلم صَنْعَة الْوَرق، فَصَارَ كَذَلِك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تتعلم عمل الرقَاق والكفافة، فَصَارَ كَذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت جلاء، قلت: تصير كحالاً تجلي أبصار النَّاس، فَصَارَ كَذَلِك. فَافْهَم ذَلِك موفقاً إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

العودة إلى تفسير الأحلام لابن نعمة بالحروف

اترك تعليقاً