رؤيا السماء – تفسير الأحلام لابن غنام

رؤيا السماء – تفسير الأحلام لابن غنام

السَّمَوَات: وَأما سَمَاء الدُّنْيَا فَإِنَّهُ تدل على قصر السُّلْطَان وخيمته وَجَسَده وَذَلِكَ لعجز النَّاس عَن الْخُرُوج من تَحْتَهُ، فَمن رأى أَنه صعد إِلَى السَّمَاء بسلم نَالَ عزا من الْملك، وَمن رأى نَفسه صَار سَمَاء وَكَانَ من أَبنَاء الْخُلَفَاء أَو الْأُمَرَاء أَو الْوُلَاة أَو الْقُضَاة نَالَ ولَايَة تلِيق بِهِ، وَإِن كَانَ خَائفًا أَمن خَوفه. وَمن وَقع عَلَيْهِ السَّمَاء خرب سقف بَيته.

وَمن رأى كَأَنَّهُ صعد السَّمَاء لينْظر إِلَى الأَرْض فَإِنَّهُ ينَال ولَايَة ورفعة ويتاسف على مَا فَاتَهُ، وَمن رأى كَأَنَّهُ فِي سَمَاء الدُّنْيَا يَأْمر وَينْهى وَكَانَ أَهلا للوزارة نالها وَدخل فِي عمل وَزِير لِأَن سَمَاء الدُّنْيَا للقمر وَالْقَمَر وَزِير فِي التَّأْوِيل. وَمن دخل السَّمَاء مُقَومًا ناله مشقة لقَوْله تَعَالَى (سَأُرْهِقُهُ صعُودًا) وَإِن دخل إِلَى السَّمَاء وَغَابَ فِيهَا فَإِنَّهُ غير محمود وَإِن نزل مِنْهَا فَإِنَّهُ ينجو من هم.

وَمن رأى كَأَنَّهُ فِي السَّمَاء الثَّانِيَة نَالَ علما وأدبا وَكِتَابَة وفطنة لِأَن سيرة السَّمَاء الثَّانِيَة لعطارد، وَمن رأى وكأَنه فِي السَّمَاء الثَّالِثَة فَإِنَّهُ ينَال وحللا وحليا ونعمة لِأَن سيرة السَّمَاء الثَّالِثَة للزهرة، وَمن رأى وكأَنه فِي السَّمَاء الرَّابِعَة نَالَ ملكا وسلطانا وهيبة لِأَن سيرة السَّمَاء الرَّابِعَة للشمس، وَمن رأى وكأَنه فِي السَّمَاء الْخَامِسَة فَإِنَّهُ ينَال ولَايَة فِي الشرطة والقتال والتلصص لِأَن سيرة السَّمَاء الْخَامِسَة للمريخ، وَمن رأى وكأَنه فِي السَّمَاء السَّادِسَة فإنه ينَالَ فقها وفضلا وَيكون حازما فِي الْأُمُور خَازِن ملك لِأَن سيرة السَّمَاء السَّادِسَة للْمُشْتَرِي. وَمن رأى كَأَنَّهُ فِي السَّمَاء السَّابِعَة فَإِنَّهُ ينَال عقارا وأراضين ووكلاء فلاحين لِأَن سيرة السَّمَاء السَّابِعَة لزحل. فَإِن لم يكن صَاحب الرُّؤْيَا أَهلا لهَذِهِ الْمنزلَة فَإِن تَأْوِيلهَا لرئيسه أَو سميه أَو نَظِيره أَو لعقبه من بعده. فَإِن رأى أَنه فَوق السَّمَاء السَّابِعَة فَإِنَّهُ ينَال رفْعَة عَظِيمَة.

وَمن رأى السَّمَاء وكأنها اخضرت فَهُوَ خصب فِي ذَلِك الْعَام على العامة وَإِن رَآهَا اصْفَرَّتْ فَذَلِك مرض فِي السّنة على العامة، وَإِن رأى السَّمَاء من حَدِيد قل الْقطر فِي ذَلِك الْعَام. وَمن خر من السَّمَاء فَإِنَّهُ غير محمود إذ قد يدل على ضرر من رجل ظلوم.

وَإِن رأى أَن السَّمَاء انشقت فوق أرض وَخرج مِنْهَا شيخ فإن تِلْكَ الأَرْض يحل بهَا الخصب وَالْعدْل، وَإِن خرج من السَّمَاء شَاب فَإِنَّهُ عَدو يظْهر في تلك الأرض، وَإِن خرج من السَّمَاء إبل فَإِن الأمطار تكْثر فِي ذَلِك الْعَام، وَإِن يرى أَن سبعا نزل من السَّمَاء فَإِن سُلْطَانا جائرا يحل بِتِلْكَ الأَرْض.

وَمن رأى وكأَنه جعل السَّمَوَات فِي كمه أَو سَمَاء وَاحِدَة فرُبمَا حلف بِهِ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ إِذا بلعه فَإِنَّهُ قد حلف كَاذِبًا.

وَمن مَشى فَوق السَّمَاء فَإِنَّهُ يمشي فِي أثر الْمَطَر.

وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء من غير صعُود نَالَ رفْعَة وَعزا.

وَمن رأى السَّمَاء قريب من الأَرْض فَإِنَّهُ مطر وغياث من الله، قَالَ الشَّاعِر:
إِذا نزل السَّمَاء بِأَرْض قوم***رعيناه وَإِن كَانُوا غضابا

من رأى السَّمَاء قربت من الأَرْض فَإِن ذَلِك يدل على إِجَابَة دَعْوَة أَو عمل صَالح، وَقَالَ الله تَعَالَى فِي حق الْكفَّار (لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء)، فَمن رأى أَبْوَاب السَّمَاء مفتحة فَإِنَّهُ مُؤمن وتجاب دَعوته، وَمن رأى أَبْوَاب السَّمَاء تفتح فَإِن ذَلِك مطر إِذا كَانَ فِي زمن الْمَطَر لقَوْله تَعَالَى (ففتحنا السَّمَاء بِمَاء منهمر).

وَقيل إِن السَّمَاء إِذا انفتحت أَبْوَابهَا فَإِنَّهُ إِجَابَة دَعْوَة، وَمن رأى أَبْوَاب السَّمَاء مغلقة الْأَبْوَاب وقف الْغَيْث على النَّاس،

وَمن رأى أَنه ينظر إِلَى السَّمَاء شرقا وغربا فَإِنَّهُ يُسَافر وَإِن كَانَ أَهلا للْملك ناله.

والسماء قد تؤول بالمصحف، وَمن رأى وكأنه سرق السَّمَاء فِي مَنَامه فَإِنَّهُ يسرق مُصحفا.

ومن الرُّؤْى المعبرة حِكَايَة: أَتَى ابْن سِيرِين رجل فَقَالَ رَأَيْت كَأَنِّي أخذت السَّمَوَات وَالْأَرْض وجعلتهما فِي كمي فَقَالَ ابْن سِيرِين: أَنْت قد جعلت مُصحفا فِي كمك، فَقيل: من أَيْن أخذت ذَلِك؟ فَقَالَ: من قَوْله تَعَالَى (مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء).

وآتاه آخر فَقَالَ: رَأَيْت كَأَنِّي قد تعممت بالسماء واتشحت بِالْأَرْضِ وابتلعت الْجبَال فَقَالَ ابْن سِيرِين: أَنْت رجل تحمل آمانات النَّاس فَقَالَ: صدقت، فقالوا من ايْنَ اخذت ذَلِك؟ فَقَالَ: من قَوْله تَعَالَى (إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها وأشفقن مِنْهَا وَحملهَا الْإِنْسَان إِنَّه كَانَ ظلوما جهولا).

وَمن رأى كَأَنَّهُ يَأْخُذ السَّمَاء بِأَسْنَانِهِ فَإِنَّهُ يَقع نُقْصَان فِي مَاله أَو يَتَطَاوَل إِلَى شَيْء فيعجز عَنهُ ويغضب من حماقة ذلك وييأس.

وَإِذا سَقَطت السَّمَاء على الأَرْض في بلدة وكان مع ذلك ظلمة وخوف فَذَلِك فتنة أَو موت رجل عَظِيم، وَإِن سَقَطت بِلَا ظلمَة وَلَا خوف فَذَلِك غيث كثير ينزل من السَّمَاء.

وَقيل: من رأى السَّمَوَات تبنى فِي دَاره فَإِنَّهُ يشْهد شهادة فيها زور لقَوْله تَعَالَى (مَا أشهدتم خلق السَّمَوَات والأرض وَلَا خلق أنفسهم).

من الرُّؤْى المعبرة حكاية:

أَتَى إِلَى ابْن سِيرِين رجل فَقَالَ: رَأَيْت كَأَنِّي أبْني سَمَاء دون سَمَاء الدُّنْيَا: فَقَالَ شَهَادَة زور. وَلَو بنى السَّمَاء ذُو ورع وَدين فَإِنَّهُ يرفع علما أَو يَبْنِي سقفا لقَوْله تَعَالَى (وَجَعَلنَا السَّمَاء سقفا مَحْفُوظًا).

وَمن رأى وكأَنه يَدُور فِي السَّمَاء وَينزل مِنْهَا فَإِنَّهُ ينَال علم النُّجُوم أَو يدْخل فِي غامض الْعُلُوم وينتشر ذكر.

وَمن رأى أَنه اسْتندَ إِلَى السَّمَاء نَالَ رئاسة وقهر من خَالفه.

وَمن رأى السَّمَاء تبْكي فَإِن ذَلِك دَال على الْمَطَر، قَالَ الشَّاعِر:
كل يَوْم بأقحوان جَدِيد**يضحك الروض من بكاء السماء.

انقر هنا للعودة إلى تفسير الأحلام لابن غنام بالحروف

اترك تعليقاً