تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع عشر

تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع عشر: في تأويل رؤيا الجنة و خزنتها و حورها و قصورها و أنهارها و ثمارها

تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع عشر: في تأويل رؤيا الجنة و خزنتها و حورها و قصورها و وأنهارها ثمارها

أخبرنا الوليد بن أحمد الواعظ، قال: أخبرنا ابن أبي حاتم، قال: حدثنا محمد بن يحيى الواسطي، قال: حدثنا محمد بن الحسين البرجلاني، قال: حدثنا بشر بن عمر الزهراني أبو محمد، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت راشد، قالت: كان مروان المحلمي جاراً لنا، وكان ناصباً مجتهداً، فمات فوجدت عليه وجداً شديداً، فرأيته فيما يرى النائم، فقلت: يا أبا عبد الله ما فعل بك ربك؟ قال: أدخلني الجنة، قالت: قلت ثم ماذا؟ قال: ثم رفعت إلى أصحاب اليمين، قالت: قلت ثم ماذا؟ قال ثم رفعت إلى المقربين، قلت فمن رأيت من إخوانك؟ قال: رأيت الحسن وابن سيرين وميموناً.

قال حماد: قال هشام بن حسان: حدثتني أم عبد الله وكانت من خيار نساء أهل البصرة، قالت: رأيت في منامي، كأني دخلت داراً حسنة، ثم دخلت بستاناً، فرأيت من حسنه ما شاء الله، فإذا أنا برجل متكىء على سرير من ذهب وحوله وصائف بأيديهم الأكواب، قالت: فإنني متعجبة من حسن ما أرى، إذ أتي برجل، فقيل: من هذا؟ قال: هذا مروان المحلمي أقبل فاستوى على سريره جالساً، قالت: فاستيقظت من منامي، فإذا جنازة مروان قد مرت عليّ تلك الساعة.

أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني بدمشق، قال: أخبرنا علي بن أحمد البزار، قال: سمعت إبراهيم بن السري المغلس يقول: سمعت أبي يقول: كنت في مسجدي ذات يوم وحدي بعدما صلّينا العصر، وكنت قد وضعت كوز ماء لأبرده لإفطاري في كوة المسجد، فغلب عيني النوم، فرأيت كأن جماعة من الحور العين قد دخلن المسجد وهن يصفقن بأيديهن، فقلت لواحدة منهن: لمن أنت؟ قالت: لثابت البناني، فقلت للأخرى: وأنت؟ فقالت لعبد الرحمن بن زيد، وقلت للأخرى: وأنت فقالت: لعتبة، وقلت للأخرى: وأنت؟ فقالت لفرقد، حتى بقيت واحدة، فقلت: لمن أنت؟ فقالت: لمن لا يبرد الماء لإفطاره. فقلت لها: فإن كنت صادقة فاكسري الكوز، فانقلب الكوز ووقع من الكوة، فانتبهت من منامي بكسر الكوز.

قال الأستاذ أبو سعد رحمه الله: من رأى الجنة ولم ير دخولها، فإن رؤياه بشارة بخير عمل عمله أو يهم بعمله، وهذه رؤيا منصف غير ظالم. وقيل من رأى الجنة عياناً، نال ما اشتهى وكشف عنه همه. فإن رأى كأنّه يريد أن يدخلها فمنع فإنه يصير محاصراً عن الحج والجهاد، بعد أن يهم بهما، أو يمنع من التوبة من ذنب هو عليه مصر يريد أن يتوب منه، فإن رأى أن باباً من أبواب الجنة أغلق عنه، مات أحد أبويه. فإن رأى أن بابين أغلقا عنه، مات أبواه. فإن رأى كأنّ جميع أبوابها تغلق عنه ولا تفتح له، فإن أبويه ساخطان عليه. فإن رأى كأنّه دخلها من أيّ باب شاء، فإنّهما عنه راضيان، فإن رأى كأنّه دخلها، نال سروراً وأمناً في الدراين، لقوله تعالى: {ادخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنين}. فإن رأى كأنّه أدخل الجنة، فقد قرب أجله وموته، وقيل إنّ صاحب الرؤيا يتعظ ويتوب من الذنوب على يد من أدخله الجنة، إن كان يعرفه. وقيل من رأى دخول الجنة، نال مراده بعد احتمال المشقة، لأنّ الجنة محفوفة بالمكاره، وقيل إنّ صاحب هذه الرؤيا يصاحب أقواماً كباراً كراماً، ويحسن معاشرة الناس، ويقيم فرائض الله تعالى. فإن رأى كأنّه يقال له ادخل الجنة فلا يدخلها، دلت رؤياه على ترك الدين، لقوله تعالى: {وَلا يَدْخلُون الجَنّةَ حتّى يلجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخياطِ}. فإن رأى أنّه قيل له إنك تدخل الجنة، فإنه ينال ميراثاً، لقوله تعالى: {وتلك الجَنّة التي أورِثْتُموها}. فإن رأى أنّه في الفردوس نال هداية وعلماً. فإن رأى كأنّه دخل الجنة متبسماً، فإنّه يذكر الله كثيراً.

فإن رأى كأنّه سل سيفاً ودخلها، فإنّه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وينال نعمة وثناء وثواباً. فإن رأى كأنّه جالس تحتى شجرة طوبى، فإنّه ينال خير الدارين لقوله تعالى: {طُوبَى لَهُمْ وحسْن مَآب}. فإن رأى كأنّه في رياضها رزق الإخلاص وكمال الدين. فإن رأى كأنّه أكل من ثمارها، رزق علماً بقدر ما أكل. وكذلك إن رأى أنّه شرب من مائها وخمرها ولبنها، نال حكمة وعلماً وغنى. فإن رأى كأنه متكىء على فراشها، دل على عفة امرأته وصلاحها. فإن كان لا يدري متى دخلها، دام عزه ونعمه في الدنيا ما عاش. فإن رأى كأنّه منع ثمار الجنة، دل على فساد دينه لقوله تعالى: {مَنْ يُشْرِك بالله فقَدْ حرمَ الله عَلَيْهِ الجَنّةَ}. فإن رأى كأنّه التقط ثمار الجنة وأطعمها غيره، فإنّهَ يفيد غيره علماً يعمل به و ينتفع به ولا يستعمله هو ولا ينتفع به. فإن رأى كأنّه طرح من الجنة في النار، فإنّه يبيع بستاناً ويأكل ثمنه. فإن رأى كأنّه يشرب من ماء الكوثر، نال رياسة وظفراً على العدو، لقوله تعالى: {إنّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرْ فَصَلِّ لرَبِّكَ وانْحَرْ}. ومن رأى كأنّه في قصر من قصورها، نال رياسة أو تزوج بامرأة جميلة، لقوله تعالى: {حُورٌ مقْصورَاتٌ في الخِيَام}. فإن رأى كأنّه ينكح من نساء الجنة، وغلمانها يطوفون حوله، نال مملكة ونعماً لقوله تعالى: {وَيَطوفُ عَلَيْهمْ وِلدَان مُخَلّدُون}.

وحكي أنّ الحجاج بن يوسف، رأى في منامه كأنّ باثنتين من الحور العين نزلتا من السماء، فأخذ الحجاج إحداهما ورجعت الأخرى إلى السماء، قال: فبلغت رؤياه إلى ابن سيرين، فقال: هما فتنتان يدرك إحداهما ولا يدرك الأخرى، فأدرك الحجاج فتنة ابنِ الأشعث ولم يدرك فتنة ابن المهلب.

وإن رأى رضوان خازن الجنة، نال سروراً ونعمة وطيب عيش ما دام حياً، وسلم من البلايا، لقوله تعالى: {وقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكمْ}. فإن رأى الملائكة يدخلون عليه ويسلمون عليه في الجنة، فإنّه يصير على أمر يصل به إلى الجنة، لقوله تعالى: {والملائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَليهِم منْ ڪُلِّ بَابٍ}. ويختم له بخير.

تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع عشر: في تأويل رؤيا الجنة و خزنتها و حورها و قصورها و أنهارها و ثمارها

العودة إلى تفسير الاحلام لابن سيرين حسب الترتيب