تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع

تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع: في تأويل رؤيا الأذان و الإقامة

تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع: في تأويل رؤيا الأذان و الإقامة

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن قريش، قال أخبرنا الحسن بن سفيان، قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، قال حدثنا وهب بن جرير، قال حدثنا أبي، قال حدثنا محمد بن إسحاق، قال حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالذي رأيته من الأذان، فقال، إنّ هذه الرؤيا حق فقم فألقها على بلال فإنّه أندى صوتاً منك قال ففعلت. قال فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع أذان بلال يجر ثوبه وقال: يا رسول الله رأيت مثل ما رأى عبد الله بن زيد. قال: فقال: الحمد لله فذلك أثبت.

وأخبرنا أبو بكر، قال أخبرنا الحسن بن سفيان. عن إسماعيل بن عبيد الحراني عن محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد عبد الله بن زيد الأنصاري، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هم بالبوق وأمر بالناقوس فنمت، فرأيت رجلاً عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوساً، فقلت يا عبد الله أتبيع الناقوس، قال وما تصنع به؟ قلت ننادي به للصلاة، قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ قلت بلى. قال تقول الله أكبر، ثم لقنني كلمات الأذان، ثم مشى هنيهة ولقنني كلمات الإقامة. فلما استيقظت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته. فقال عليه السلام: أخاكم قد رأى رؤيا، فاخرج مع بلال إلى المسجد، فألقها عليه، فليناد بها فإنّه أندى صوتاً منك، فخرجت معه فجعلت ألقيها وينادي بها بلال، فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصوت فخرج فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لقد رأيت مثل رأى.

قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: من رأى أنّه أذن مرة أو مرتين، وأقام وصلى صلاة فريضة، رزق حجاً وعمرة، لقوله تعالى: {وأذِّنْ فِي النّاس بالَحجِّ}. والآن بعرفات يؤذن ويقام مرتان مرتان. فإن رأى كأنّه يؤذن على منارة، فإنّه يكون داعيَاَ إلى الحق ويرجى له الحج. فإن رأى كأنّه يؤذن في بئر، فإنّه يحث الناس على سفر بعيد. فإن رأى كأنّه مؤذن وليس بمؤذن في اليقظة ولي ولاية بقدر ما بلغ صوته إن كان للولاية أهلاً. فإن رأى كأنّه يؤذن على تل أصاب ولاية من رجل أعجمي، وإن لم يكن للولاية أهلاً فإنّه يصيب تجارة رابحة أو حرفة عزيزة. فإن رأى أنّه زاد في الأذان أو نقص منه أو غير ألفاظه، فإنه يظلم الناس بقدر الزيادة والنقصان. وإن أذن في شارع، فإن كان من أهل الخير فإنّه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كان من أهل الفساد فإنّه يضرب، ومن رأى كأنّه يؤذن على حائط فإنّه يدعو رجلاً إلى الصلح، وإن أذن فوق بيتٍ فإنّه يموت أحد من أهله، فإن أذن فوق الكعبة فإنّه يظهر بدعة، والأذان في جوف الكعبة لا يحمد، ومن أذن على سطح جاره فإنّه يخون جاره في أهله. ومن أذن بين قوم فلم يجيبوه فإنّه بين قوم ظلمة، لقوله تعالى: {فَأذَّنَ مُؤَذْن بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ الله عَلَى الظّالمين}.

ومن رأى أنّه أذن وأقام، فإنّه يقيم سنة ويميت بدعة. ومن رأى صبياً يؤذن فإنّه براءة لوالديه من كذب وبهتان، لقصة عيسى عليه السلام. والأذان في الحمام لا يحمد ديناً ولا دنيا، وقيل أنّه يقود. فإن أذن في البيت الحار، فإنه يحم حمى نافض. فإن أذن في البيت البارد، فإنّه يحم حمى حارة، ومن أذن على باب سلطان، فإنّه يقول حقاً.

وحكي عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال: الأذان مفارقة شريك، لقوله تعالى: {وَأذَانٌ مِنَ الله وَرَسُولِهِ إلىَ النّاس يَوْمَ الحَجِّ الأكْبَر}. الاية، فإن أذن في قافلة فإنه يسرق، لقوله تعالى: {أيَّتُهَا العِيرُ إنّكُمْ لَسَارِقون}. والأذان في البرية أو المعسكر يكون جاسوساً للصوص. ومن كان محبوساً فرأى كأنّه يقيم أو يصلي قائماً، فإنّه يطلق سراحه. لقوله تعالى: {فَإنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصلاة}. ومن رأى غير محبوس أنه يقيم إقامة الصلاة، فإنّه يقوم له رفيع يحسن الثناء عليه فيه. ومن رأى كأنّه أقام على باب داره فوق سرير، فإنّه يموت. ومن رأى كأنّه يؤذن على سبيل اللهو واللعب، سلب عقله، لقوله تعالى: {وَإذَا نَادَيْتُمْ إلى الصَّلاة اتّخذُوهَا هُزواً وَلعبَاً ذَلِكَ بأنّهمْ قَوْم لا يَعْقِلُونَ}.

وحكي عن دانيال الصغير أنه قال: من رأى كأنّه أذن وأقام وصلى، فقد تم عمله، وهو دليل الموت. ومن سمع أذاناً في السوق، فإنّه موت رجل من أهل تلك السوق. ومن سمع أذاناً يكرهه، فإنه ينادى عليه في مكروه.

قال الأستاذ أبو سعد: الأصل في هذا الباب، أنّ الأذان إذا رآه من هو أهل كان محموداً إذا أذن في موضعه. وإذا رآه من ليس بأهل، أو رآه في غير موضعه، كان مكروهاً. فإن أذن في مزبلة فإنّه يدعو أحمق إلِى الصلح ولا يقبل منه، وإن أذن في بيت فإنّه يدعو امرآة إلى الصلح، فإن أذن مضطراً فإنّه يغشى امرأة.

وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين، فقال رأيت كأنّي أؤذن، فقال تحج. وأتاه آخر فقال رأيت كأنّي أؤذن فقال تقطع يدك، قيل له كيف فرقت بينهما؟ قال رأيت للأول سيماً حسنة، فأولت {وأذن في الناس بالحج}. ورأيت للثاني سيماً غير صالحة فأولت {فأذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون}.

تفسير الاحلام لابن سيرين – الباب التاسع: في تأويل رؤيا الأذان و الإقامة

العودة إلى تفسير الاحلام لابن سيرين حسب الترتيب